responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : طريق الهجرتين وباب السعادتين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 421
آيَاتِى} إلى قوله تعالى: {كَافِرِينَ} [الأنعام: 130] ، فلما اعترفوا بأنهم كانوا كافرين، وشهدوا على أنفسهم بالكفر دل ذلك على تكليفهم وتوجه الخطاب إليهم.
وقال تعالى: {وإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا} إلى قوله: {أُولَئِكَ فِى ضَلالٍ مُبِينٍ} [الأحقاف:29-32] ، فهذا يدل على تكليفهم من وجوه متعددة:
أحدها: أن الله سبحانه وتعالى صرفهم إلى رسوله يستمعون القرآن ليؤمنوا به ويأتْمروا بأوامره وينتهوا عن نواهيه.
الثانى: أنهم ولوا إلى قومهم منذرين والإنذار هو الإعلام بالخوف بعد انعقاد أسبابه، فعلم أنهم منذرون لهم بالنار إن عصوا الرسول.
الثالث: أنهم أخبروا أنهم سمعوا القرآن وعقلوه وفهموه وأنه يهدى إلى الحق، وهذا القول منهم يدل على أنهم عالمون بموسى وبالكتاب المنزل عليه، وأن القرآن مصدق له وأنه هاد إلى صراط مستقيم.
وهذا يدل على تمكينهم من العلم الذى تقوم به الحجة، وهم قادرون على امتثال ما فيه والتكليف إنما يستلزم [العقل] والقدرة.
الرابع: إنهم قالوا لقومهم: {يَا قَوْمنَا أَجِيبُوا دَاعِى اللهِ وَآمِنُوا بِهِ} [الأحقاف:31] وهذا صريح فى أنهم مكلفون مأْمورون بإجابة الرسول، وهى تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر.
الخامس: أنهم قالوا: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِن ذُنُوبِكُمْ} والمغفرة لا تكون إلا عن ذنب وهو مخالفة الأمر.
السادس: أنهم قالوا: {مِن ذُنُوبِكُمْ} والذنب مخالفة الأمر.
السابع: أنهم قالوا: {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} ، وهذا يدل على أن من لم يستجب منهم لداعى الله لم يجره من العذاب الأليم. وهذا صريح فى تعلق الشريعة الإسلامية بهم.
الثامن: أنهم قالوا: {وَمَن لا يُجِبْ دَاعِى اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ} [الأحقاف: 32] ، وهذا تهديد لمن تخلف عن إجابة داعى الله منهم. وقد استدل بها على أنهم كانوا متعبدين بشريعة موسى كما هم متعبدون بشريعة محمد، وهذا ممكن والآية لا تستلزمه، ولكن قوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: 130] ، الآية تدل على أن الجن كانوا متعبدين بشرائع الرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم، والآيات المتقدمة تدل على ذلك أيضاً.
وعلى هذا فيكون اختصاص النبى صلى الله عليه وسلم بالبعثة إلى الثقلين إلى جميعهم لا إلى بعضهم

نام کتاب : طريق الهجرتين وباب السعادتين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 421
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست