responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 148
الصَّانِعِ، بَلْ يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ نَفْيُهُ بِالْكُلِّيَّةِ لُزُومًا بَيِّنًا، وَلِأَنَّ الْعَالَمَ مَخْلُوقٌ لَهُ، وَلَا يُمْكِنُهُمْ إِقَامَةُ دَلِيلٍ عَلَى اسْتِحَالَةِ الْهَيِّنِ، وَلَا إِقَامَةِ دَلِيلٍ وَاحِدٍ عَلَى اسْتِحَالَةِ كَوْنِ الصَّانِعِ جِسْمًا، وَلَا إِثْبَاتِ كَوْنِهِ عَالِمًا وَلَا قَادِرًا وَلَا رَبًّا، وَنَقْتَصِرُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَلَى بَيَانِ عَجْزِهِمْ عَنْ إِثْبَاتِ وُجُودِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَضْلًا عَنْ تَنْزِيهِهِ عَنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ فَنَقُولُ: الْمُعَارِضُ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ فِي الْأَصْلِ هُمُ الزَّنَادِقَةُ الْمُنْكِرُونَ لِلنُّبُوَّةِ وَحُدُوثِ الْعَالَمِ وَالْمَعَادِ، وَوَافَقَهُمْ فِي هَذَا الْأَصْلِ الْجَهْمِيَّةُ الْمُعَطِّلَةُ لِصِفَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى وَأَفْعَالِهِ، وَالطَّائِفَتَانِ لَمْ تُثْبِتْ لِلْعَالَمِ صَانِعًا الْبَتَّةَ، فَإِنَّ الصَّانِعَ الَّذِي أَثْبَتُوا وُجُودَهُ مُسْتَحِيلٌ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ وَاجِبَ الْوُجُودِ قَدِيمًا، أَمَّا الزَّنَادِقَةُ الْفَلَاسِفَةُ فَإِنَّهُمْ أَثْبَتُوا لِلْعَالَمِ صَانِعًا لَفْظًا لَا مَعْنًى، ثُمَّ لَبَّسُوا عَلَى النَّاسِ، وَقَالُوا: إِنَّ الْعَالَمَ صَنَعَهُ وَفَعَلَهُ وَخَلَقَهُ، ثُمَّ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ عِنْدَهُمْ غَيْرُ مَصْنُوعٍ وَلَا مَخْلُوقٍ وَلَا مَفْعُولٍ، وَلَا يُمْكِنُ عَلَى أَصْلِهِمْ أَنْ يَكُونَ الْعَالَمُ مَخْلُوقًا وَلَا مَفْعُولًا.
قَالَ أَبُو حَامِدٍ: وَذَلِكَ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: وَجْهٌ فِي الْفَاعِلِ، وَوَجْهٌ فِي الْفِعْلِ، وَوَجْهٌ فِي نِسْبَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ، وَأَمَّا الَّذِي فِي الْفَاعِلِ فَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا مُخْتَارًا عَالِمًا بِمَا يُرِيدُهُ حِينَ يَكُونُ فَاعِلًا لِمَا يُرِيدُهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى عِنْدَهُمْ لَيْسَ مُرِيدًا، بَلْ لَا صَنْعَةَ لَهُ أَصْلًا، وَمَا يَصْدُرُ عَنْهُ فَيَلْزَمُ لُزُومًا ضَرُورِيًّا، وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَالَمَ قَدِيمٌ عِنْدَهُمْ وَالْفِعْلُ هُوَ الْحَادِثُ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَاحِدٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالْوَاحِدُ عِنْدَهُمْ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ، وَالْعَالَمُ مُرَكَّبٌ مِنْ خُلُفَاتٍ، فَكَيْفَ يَصْدُرُ عَنْهُ؟
قَالَ: وَلِنُحَقِّقَ وَجْهَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ مَعَ حَالِهِمْ فِي دَفْعِهِ فَنَقُولُ: الْفَاعِلُ عِبَارَةٌ عَمَّا صَدَرَ عَنْهُ الْفِعْلُ مَعَ الْإِرَادَةِ لِلْفِعْلِ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ، مَعَ الْعِلْمِ بِالْمُرَادِ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْعَالَمَ مَعَ اللَّهِ كَالْمَعْلُومِ مَعَ الْعِلَّةِ، يَلْزَمُ لُزُومًا ضَرُورِيًّا لَا يُتَصَوَّرُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى دَفْعُهُ، لُزُومَ الظِّلِّ لِلشَّخْصِ وَالنُّورِ لِلشَّمْسِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْفِعْلِ فِي شَيْءٍ، بَلْ مَنْ قَالَ: إِنَّ السِّرَاجَ يَفْعَلُ الضَّوْءَ، وَالشَّخْصُ يَفْعَلُ الظِّلَّ فَقَدْ جَاوَزَ وَتَوَسَّعَ فِي التَّجَاوُزِ تَوَسُّعًا خَارِجًا عَنِ الْحَدِّ، وَاسْتَعَارَ اللَّفْظَ وَاكْتَفَى بِوُقُوعِ الْمُشَارَكَةِ بَيْنَ الْمُسْتَعَارِ مِنْهُ فِي وَصْفٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّ الْفَاعِلَ سَبَبٌ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَالسِّرَاجُ سَبَبٌ لِلضَّوْءِ، وَالشَّمْسُ سَبَبٌ لِلنُّورِ، وَالْفَاعِلُ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلًا صَانِعًا بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ سَبَبًا، بَلْ لِكَوْنِهِ سَبَبًا عَلَى وَجْهِ الْإِرَادَةِ وَالِاخْتِيَارِ، حَتَّى لَوْ قَالَ قَائِلٌ: الْجِدَارُ لَيْسَ بِفَاعِلٍ، وَالْحَجَرُ لَيْسَ بِفَاعِلٍ، وَالْجَمَادُ لَيْسَ بِفَاعِلٍ، وَإِنَّمَا الْفِعْلُ لِلْحَيَوَانِ، لَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ،

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست