responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 159
عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَبْيَضَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، النَّاسُ مِنْ آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ» فَانْظُرْ إِلَى سَرَيَانِ هَذِهِ النُّكْتَةِ الْإِبْلِيسِيَّةِ فِي نُفُوسِ أَكْثَرِ النَّاسِ مِنْ تَفْضِيلِهِمْ بِمُجَرَّدِ الْأَنْسَابِ وَالْأُصُولِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ ظَنَّهُ أَنَّ النَّارَ خَيْرٌ مِنَ التُّرَابِ بَاطِلٌ، مُسْتَنَدُهُ مَا فِيهَا مِنَ الْإِضَاءَةِ وَالْخِفَّةِ، وَمَا فِي التُّرَابِ مِنَ الثِّقَلِ وَالظُّلْمَةِ، وَنَسِيَ الشَّيْخُ مَا فِي النَّارِ مِنَ الطَّيْشِ وَالْخِفَّةِ، وَطَلَبِ الْعُلُوِّ، وَالْإِفْسَادِ بِالطَّبْعِ، حَتَّى لَوْ وَقَعَ مِنْهَا شُوَاظٌ بِقَدْرِ الْحَبَّةِ فِي مَدِينَةٍ عَظِيمَةٍ لَأَفْسَدَهَا كُلَّهَا وَمَنْ فِيهَا، بَلِ التُّرَابُ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ وَأَفْضَلُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ: مِنْهَا: أَنَّ طَبْعَهُ السُّكُونُ وَالرَّزَانَةُ، وَالنَّارُ بِخِلَافِهِ، وَمِنْهَا: أَنَّهُ مَادَّةُ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْأَقْوَاتِ، وَالنَّارُ بِخِلَافِهِ، وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أَنْ يَعِيشَ بِدُونَهُ وَدُونَ مَا خُلِقَ مِنْهُ الْبَتَّةَ، وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَعِيشَ بُرْهَةً بِلَا نَارٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: " «كَانَ يَمُرُّ بِنَا الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ مَا يُوقَدُ فِي بُيُوتِنَا نَارٌ وَلَا نَرَى نَارًا " قَالَ لَهَا عُرْوَةُ: فَمَا عَيْشُكُمْ؟ قَالَتْ: " الْأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ» " وَمِنْهَا: أَنَّ الْأَرْضَ تُؤَدِّي إِلَيْكَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبَرَكَةِ أَضْعَافَ أَضْعَافَ مَا تُودَعُهُ مِنَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَتُرَبِّيهِ لَكَ وَتُغَذِّيهِ وَتُنَمِّيهِ، وَالنَّارُ تُفْسِدُهُ عَلَيْكَ وَتَمْحَقُ بَرَكَتَهُ، وَمِنْهَا: أَنَّ الْأَرْضَ مَهْبِطُ وَحْيِ اللَّهِ وَمَسْكَنُ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ، وَكِفَاتُهُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا، وَالنَّارُ مَسْكَنُ أَعْدَائِهِ وَمَأْوَاهُمْ، وَمِنْهَا: أَنَّ فِي الْأَرْضِ بَيْتَهُ الَّذِي جَعَلَهُ إِمَامًا لِلنَّاسِ وَقِيَامًا لَهُمْ، وَجَعَلَ حَجَّهُ مَحَطًّا لِأَوْزَارِهِمْ، وَمُكَفِّرًا لِسَيِّئَاتِهِمْ، وَجَالِبًا لَهُمْ مَصَالِحَ مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ، وَمِنْهَا: أَنَّ النَّارَ طَبْعُهَا الْعُلُوُّ وَالْفَسَادُ، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ وَلَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ، وَالْأَرْضُ طَبْعُهَا الْخُشُوعُ وَالْإِخْبَاتُ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُخْبِتِينَ الْخَاشِعِينَ.
وَقَدْ ظَهَرَ بِخَلْقِ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ وَمُوسَى وَعِيسَى وَالرُّسُلِ مِنَ الْمَادَّةِ الْأَرْضِيَّةِ، وَخَلْقِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ مِنَ الْمَادَّةِ النَّارِيَّةِ، نَعَمْ وَخَلَقَ مِنَ الْمَادَّةِ الْأَرْضِيَّةِ الْكُفَّارَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَمِنَ الْمَادَّةِ النَّارِيَّةِ صَالِحُو الْجِنِّ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ مِثْلُ إِبْلِيسَ، وَلَيْسَ فِي أُولَئِكَ مِثْلُ الرُّسُلِ، فَعُلِمَ الْخَيْرُ مِنَ الْمَادَّةِ الْأَرْضِيَّةِ، وَعُلِمَ الشَّرُّ مِنَ الْمَادَّةِ النَّارِيَّةِ.

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست