responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 193
مَوْقُوفٌ عَلَى الْعِلْمِ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يُؤَيِّدُ الْكَذَّابَ بِالْمُعْجِزَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ، وَالْعِلْمُ بِذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى الْعِلْمِ بِقُبْحِهِ، وَعَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَفْعَلُ الْقَبِيحَ ; وَتَنْزِيهُهُ عَنْ فِعْلِ الْقَبِيحِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْعِلْمِ بِأَنَّهُ غَنِيٌّ عَنْهُ عَالِمٌ بِقُبْحِهِ، وَالْغَنِيُّ عَنِ الْقَبِيحِ الْعَالِمُ بِقُبْحِهِ لَا يَفْعَلُهُ ; وَغِنَاهُ عَنْهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ ; وَكَوْنُهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ مَوْقُوفٌ عَلَى عَدَمِ قِيَامِ الْأَعْرَاضِ وَالْحَوَادِثِ بِهِ ; وَهِيَ الصِّفَاتُ وَالْأَفْعَالُ، وَنَفْيُ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ حُدُوثُ الْأَجْسَامِ ; وَالَّذِي دَلَّنَا عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ أَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ، وَمَا لَا تَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ لَا يَسْبِقُهَا، وَمَا لَا يَسْبِقُ الْحَوَادِثَ فَهُوَ حَادِثٌ، وَأَيْضًا فَإِنَّهَا لَا تَخْلُو عَنِ الْأَعْرَاضِ، وَالْأَعْرَاضُ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ، فَهِيَ حَادِثَةٌ، فَإِذَا لَمْ تَخْلُ الْأَجْسَامُ عَنْهَا لَزِمَ حُدُوثُهَا، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَجْسَامَ مُرَكَّبَةٌ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْفَرْدَةِ ; وَالْمُرَكَّبُ مُفْتَقِرٌ إِلَى جُزْئِهِ، وَجُزْؤُهُ غَيْرُهُ، وَمَا افْتَقَرَ إِلَى غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ إِلَّا حَادِثًا مَخْلُوقًا، فَالْأَجْسَامُ مُتَمَاثِلَةٌ، كُلُّ مَا صَحَّ عَلَى بَعْضِهَا صَحَّ عَلَى جَمِيعِهَا، وَقَدْ صَحَّ عَلَى بَعْضِهِ التَّحْلِيلُ وَالتَّرْكِيبُ وَالِاجْتِمَاعُ وَالِافْتِرَاقُ فَيَجِبُ أَنْ يَصِحَّ عَلَى جَمِيعِهَا.
قَالُوا: وَبِهَذَا الطَّرِيقِ أَثْبَتْنَا حُدُوثَ الْعَالَمِ وَنَفْيَ كَوْنِ الصَّانِعِ جِسْمًا وَإِمْكَانِ الْمَعَادِ، فَلَوْ بَطَلَ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى حُدُوثِ الْجِسْمِ بَطَلَ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى ثُبُوتِ الصَّانِعِ وَصِدْقِ الرَّسُولِ، فَصَارَ الْعِلْمُ بِثُبُوتِ الصَّانِعِ وَصِدْقِ الرَّسُولِ وَحُدُوثِ الْعَالَمِ وَإِمْكَانِ الْمَعَادِ مَوْقُوفًا عَلَى نَفْيِ الصِّفَاتِ، فَإِذَا جَاءَ السَّمْعُ مَا يَدُلُّ عَلَى إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ لَمْ يَكُنِ الْقَوْلُ بِمُوجِبِهِ ; وَيُعْلَمُ أَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يُرِدْ إِثْبَاتَ ذَلِكَ، لِأَنَّ إِرَادَتَهُ لِلْإِثْبَاتِ تُنَافِي تَصْدِيقَهُ، ثُمَّ إِمَّا إِنْ كَانَ يُكَذِّبُ النَّاقِلَ، وَإِمَّا أَنْ يَتَأَوَّلَ الْمَنْقُولَ، وَإِمَّا أَنْ يُعْرِضَ عَنْ ذَلِكَ جُمْلَةً وَيَقُولَ لَا يُعْلَمُ الْمُرَادُ.
فَهَذَا أَصْلُ مَا بَنَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ دِينَهُمْ وَإِيمَانَهُمْ، وَلَمْ يُقَيَّضْ لَهُمْ مَنْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَسَادَ هَذَا الْأَصْلِ وَمُخَالَفَتَهُ لِصَرِيحِ الْعَقْلِ، بَلْ قُيِّضَ لَهُمْ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى السَّفَهِ مَنْ وَافَقَهُمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَخَذَ يُشَنِّعُ عَلَيْهِمُ الْقَوْلَ بِنَفْيِ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَتَكْلِيمِ الرَّبِّ لِخَلْقِهِ وَرُؤْيَتِهِمْ لَهُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَاسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ وَنُزُولِهِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَأَضْحَكَهُمْ عَلَيْهِ وَأَغْرَاهُمْ بِهِ، وَنَسَبُوهُ إِلَى ضَعْفِ الْعَقْلِ وَالْحَشْوِ وَالْبَلَهِ، وَالْمُصِيبَةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ عُدْوَانِ هَؤُلَاءِ وَنَفْيُهُمْ، وَتَقْصِيرُ أُولَئِكَ وَمُوَافَقَتُهُمْ لَهُمْ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ تَكْفِيرُهُمْ وَتَبْدِيعُهُمْ.
وَهَذَا الطَّرِيقُ، مِنَ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّهَا مِنْ لَوَازِمَ الْإِيمَانِ، وَأَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهَا،

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست