responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 252
يُوَضِّحُهُ: أَنَّ الْمَادَّةَ الْأَرْضِيَّةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الطَّيِّبِ وَالْخَبِيثِ، وَقَدِ اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ أَنَّ خَلَقَ مِنْهَا آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ بَنُو آدَمَ كَذَلِكَ مُشَاكِلَتِهِمْ لِمَادَّتِهِمْ، وَالْمَادَّةُ النَّارِيَّةُ فِيهَا الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ الْمَخْلُوقُ مِنْهَا كَذَلِكَ، وَاللَّهُ تَعَالَى يُرِيدُ تَخْلِيصَ الطَّيِّبِ مِنَ الْمَادَّةِ الْأَرْضِيَّةِ مِنَ الْخَبِيثِ لِيَجْعَلَ الطَّيِّبَ مُجَاوِرًا لَهُ فِي دَارِ كَرَامَتِهِ مُخْتَصًّا بِرُؤْيَتِهِ وَالْقُرْبِ مِنْهُ، وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ فِي دَارِ الْخُبْثِ، حَظُّهُ الْبُعْدُ مِنْهُ وَالْهَوَانُ وَالطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ، إِذْ لَا يَلِيقُ بِحَمْدِهِ وَحِكْمَتِهُ وَكَمَالِهِ أَنْ يَكُونَ مُجَاوِرًا لَهُ فِي دَارِهِ مَعَ الطَّيِّبِينَ، فَأَخْرَجَ مِنَ الْمَادَّةِ النَّارِيَّةِ مَنْ جَعَلَهُ مُحَرِّكًا لِلنُّفُوسِ دَاعِيًا لَهَا إِلَى مَحَلِّ الْخُبْثِ لِتَنْجَذِبَ إِلَيْهِ النُّفُوسُ الْخَبِيثَةُ بِالطَّبْعِ، وَتَمِيلَ إِلَيْهِ بِالْمُنَاسَبَةِ، فَتَتَحَيَّزُ إِلَى مَا يُنَاسِبُهَا وَمَا هُوَ أَوْلَى بِهَا حِكْمَةً وَمَصْلَحَةً وَعَدْلًا، لَا يَظْلِمُهَا فِي ذَلِكَ بَارِئُهَا وَخَالِقُهَا، بَلْ أَقَامَ دَاعِيًا يُظْهِرُ بِدَعْوَتِهِ إِيَّاهَا وَاسْتِجَابَتِهَا لَهُ مَا كَانَ مَعْلُومًا لِبَارِئِهَا وَخَالِقِهَا مِنْ أَحْوَالِهَا، وَكَانَ خَفِيًّا عَلَى الْعِبَادِ فَلَمَّا اسْتَجَابَتْ لِأَمْرِهِ، وَلَبَّتْ دَعْوَتَهُ، وَآثَرَتْ طَاعَتَهُ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهَا وَوَلِيِّهَا الْحَقِّ الَّذِي تَتَقَلَّبُ فِي نِعَمِهِ وَإِحْسَانِهِ ظَهَرَ لِمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَأَوْلِيَائِهِ حِكْمَتَهُ وَعَدْلَهُ فِي تَعْذِيبِ هَذِهِ النُّفُوسِ وَطَرْدِهَا عَنْهُ وَإِبْعَادِهَا عَنْ رَحْمَتِهِ، وَأَقَامَ لِلنُّفُوسِ الطَّيِّبَةِ دَاعِيًا يَدْعُوهَا إِلَيْهِ إِلَى مَرْضَاتِهِ وَكَرَامَتِهِ، فَظَهَرَ لَهُمْ حَمْدَهُ التَّامُّ وَحِكْمَتَهُ الْبَالِغَةَ فِي الْأَمْرَيْنِ، وَعَلِمُوا أَنَّ خَلْقَ عَدُوِّ اللَّهِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ وَحِزْبِهِ، وَخَلْقَ وَلِيِّهِ وَعَبْدِهِ جِبْرِيلَ وَجُنُودِهِ وَحِزْبِهِ، هُوَ عَيْنُ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَأَنَّ تَعْطِيلَ ذَلِكَ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى حِكْمَتِهِ وَحَمْدِهِ.
يُوَضِّحُهُ: أَنَّ مِنْ لَوَازِمِ رُبُوبِيَّتِهِ تَعَالَى وَإِلَهِيَّتِهِ إِخْرَاجُ الْخَبَأِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنَ النَّبَاتِ وَالْأَقْوَاتِ وَالْحَيَوَانِ وَالْمَعَادِنِ وَغَيْرِهَا، وَخَبَّأَ فِي السَّمَاوَاتِ مَا أَوْدَعَهَا مِنْ أَمْرِهِ الَّذِي يُخْرِجُهُ كُلَّ وَقْتٍ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ، وَهَذَا مِنْ تَدْبِيرِهِ لِمَلَائِكَتِهِ وَتَصَرُّفِهِ فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ، فَبِإِخْرَاجِ هَذَا الْخَبَأُ تَظْهَرُ قُدْرَتُهُ وَمَشِيئَتُهُ وَعِلْمُهُ وَحِكْمَتُهُ، وَكَذَلِكَ النُّفُوسُ فِيهَا خَبَأٌ كَامِنٌ يَعْلَمُهُ سُبْحَانَهُ مِنْهَا، فَلَا بُدَّ أَنْ يُقِيمَ أَسْبَابًا يُظْهِرَ بِهَا خَبَأَ النُّفُوسِ الَّذِي كَانَ كَامِنًا فِيهَا، فَإِذَا صَارَ ظَاهِرًا عِيَانًا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَثَرُهُ، إِذْ لَمْ يَكُنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى نَفْسِ الْعِلْمِ بِهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَاقِعًا فِي الْوُجُودِ، قَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: 7] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ خَلَقَ الْعَالَمَ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ لِيَبْلُوَ عِبَادَهُ، فَيَظْهَرُ مَنْ يُطِيعُهُ وَيُحِبُّهُ وَيُجِلُّهُ

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست