responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 34
وَعَلَيْهِ أَيْدٍ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ سَاقٌ وَاحِدٌ، وَلَا نَرَى فِي الدُّنْيَا شَخْصًا أَقْبَحَ صُورَةً مِنْ هَذِهِ الصُّورَةِ الْمُتَخَيَّلَةِ.
قَالَ السُّنِّيُّ الْمُعَظِّمُ حُرُمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى: قَدِ ادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْجَهْمِيُّ أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَالَّذِي هُوَ خَيْرُ الْكَلَامِ وَأَصْدَقُهُ وَأَحْسَنُهُ وَأَفْصَحُهُ وَهُوَ الَّذِي هَدَى اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ وَجَعَلَهُ شِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ، وَهُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يُنْزِلْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ أَهْدَى مِنْهُ وَلَا أَحْسَنَ وَلَا أَكْمَلَ، فَانْتَهَكْتَ حُرْمَتَهُ وَعَظَمَتَهُ وَنَسَبْتَهُ إِلَى أَقْبَحِ النَّقْصِ وَالْعَيْبِ، وَادَّعَيْتَ أَنَّ ظَاهِرَهُ وَمَدْلُولَهُ إِثْبَاتُ شَخْصٍ لَهُ وَجْهٌ وَلَهُ أَعْيُنٌ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ سَاقٌ وَاحِدٌ، وَادَّعَيْتَ أَنَّ ظَاهِرَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ يَدُلُّ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ الشَّنِيعَةِ، فَيَكُونُ سُبْحَانَهُ قَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَقْبَحِ الصِّفَاتِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، فَأَيُّ طَعْنٍ فِي الْقُرْآنِ أَعْظَمُ مِنْ طَعْنِ مَنْ يَجْعَلُ هَذَا ظَاهَرَهُ؟ وَلَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ مِنْ أَعْدَاءِ الرَّسُولِ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُ بِالْمُحَارَبَةِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَبْطَلَ الْبَاطِلِ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ لَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَقْرَبِ الطُّرُقِ لَهُمْ إِلَى الطَّعْنِ فِيهِ، وَقَالُوا: كَيْفَ تَدْعُونَا إِلَى عِبَادَةِ رَبٍّ صُورَتُهُ هَذِهِ الصُّورَةُ الشَّنِيعَةُ؟ وَهُمْ يُورِدُونَ عَلَيْهِ مَا هُوَ أَقَلَّ مِنْ هَذَا بِكَثِيرٍ، كَمَا أَوْرَدُوا عَلَيْهِ الْمَسِيحَ لَمَّا قَالَ: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98] فَتَعَلَّقُوا بِظَاهِرِ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ مَا أَوْرَدَهُ، وَهُوَ دُخُولُ الْمَسِيحِ فِيمَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، إِمَّا بِعُمُومِ لَفْظِ (مَا) وَإِمَّا بِعُمُومِ الْمَعْنَى، وَأَوْرَدَ أَهْلُ الْكِتَابِ عَلَى قَوْلِهِ: {يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ} [مريم: 28] أَنَّ بَيْنَ هَارُونَ وَعِيسَى مَا بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّهُ هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ بِوَجْهٍ، وَكَانُوا يَتَعَنَّتُونَ فِيمَا يُورِدُونَهُ عَلَى الْقُرْآنِ بِهَذَا وَدُونَهُ، فَكَيْفَ يَجِدُونَ ظَاهِرَهُ إِثْبَاتَ رَبٍّ شَأْنُهُ هَذَا وَلَا يُنْكِرُونَهُ؟

وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] وَدَعْوَى الْجَهْمِيِّ أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا إِثْبَاتُ أَعْيُنٍ كَثِيرَةٍ كَذِبٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ إِنْ دَلَّ ظَاهِرُهُ عَلَى أَعْيُنٍ كَثِيرَةٍ وَأَيْدٍ كَثِيرَةٍ، دَلَّ عَلَى خَلْقَيْنِ كَثِيرَيْنِ، فَإِنَّ لَفْظَ الْأَيْدِي مُضَافٌ إِلَى ضَمِيرِ الْجَمْعِ، فَادَّعِ أَيُّهَا الْجَهْمِيُّ: ظَاهِرُهُ إِثْبَاتُ أَيْدٍ كَثِيرَةٍ لِآلِهَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَإِلَّا فَدَعَوَاكَ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَيْدٍ كَثِيرَةٍ لِذَاتٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] وَإِنَّمَا ظَاهِرُهُ بِزَعْمِكَ أَعْيُنٌ عَلَى ذَوَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ لَا عَلَى ذَاتٍ وَاحِدَةٍ.

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست