responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 355
وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إِنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الطَّلَبِ، يُقَالُ لَهُ: هَذَا مِنْ وَهْمِكَ حَيْثُ ظَنَنْتَ أَنَّ تَحْرِيمَهَا وَتَحْلِيلَهَا طَلَبٌ لِإِيجَادِهَا وَعَدَمِهَا، فَإِنَّ هَذَا لَا يَفْهَمُهُ أَحَدٌ وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِ السَّامِعِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا يَفْهَمُ كَوْنَهَا حَلَالًا أَوْ حَرَامًا الْإِذْنَ فِي تَنَاوُلِهِ وَالْمَنْعَ مِنْهُ، هَذَا حَقِيقَةُ اللَّفْظِ وَمَوْضُوعُهُ وَعُرْفُ اسْتِعْمَالِهِ، وَالتَّرْكِيبُ مُرْشِدٌ إِلَى فَهْمِ الْمَعْنَى، وَلَمْ يُوضَعْ لَفْظُ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ لِإِحْدَاثِ الْأَعْيَانِ وَلَا إِعْدَامِهَا وَلَا اسْتُعْمِلَ فِي ذَلِكَ وَلَا فَهِمَهُ أَحَدٌ أَصْلًا، وَإِنَّمَا حَقِيقَتُهُ مَا يَفْهَمُ الْمُخَاطِبُ مِنْهُ فَلَهُ وُضِعَ، وَفِيهِ اسْتُعْمِلَ، وَمِنْهُ فُهِمَ، فَإِذَا سَمِعَ الْمُخَاطَبُ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ حَرَامٌ عَلَيْكَ، لَمْ يَشُكَّ فِي الْمَعْنَى وَلَمْ يَتَوَقَّفْ فَهْمُهُ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ مَحْذُوفٍ وَإِضْمَارِ مُضَافٍ، وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ.
وَلَمَّا سَمِعَ الْمُؤْمِنُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] إِلَى آخِرِهَا، لَمْ يَقَعْ فِي قُلُوبِهِمْ أَنَّ هَذَا مَجَازٌ وَلَا خَطَرَ بِبَالِهِمْ غَيْرُ حَقِيقَتِهِ وَمَفْهُومِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا نَشَأَ مِنْ قِبَلِ الْمُتَوَلِّجِينَ الْمُتَكَلِّفِينَ، أَلَا تَرَى أَنَّ الَّذِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَتِهِمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَتَكَلَّفُوا هَذِهِ التَّقَادِيرَ، بَلْ كَانُوا أَفْقَهَ مِنْ ذَلِكَ وَأَصَحَّ أَفْهَامًا وَأَعْلَى طَلَبًا، وَإِنَّمَا لَهِجَ الْمُتَأَخِّرُونَ بِذَلِكَ لَمَّا نَزَلَتْ مَرْتَبَتُهُمْ وَتَقَاصَرَتْ أَفْهَامُهُمْ وَعُلُومُهُمْ مِنْ عُلُومِ أُولَئِكَ.
وَهَلْ سَمِعَ عَرَبِيٌّ قَطُّ وَلَوْ مِنْ أَجْلَافِ الْعَرَبِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] ، {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] ، {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] ، وَنَظَائِرُهُ، فَأَصَابَهُمْ مَا أَصَابَ هَؤُلَاءِ مِنَ الْبَحْثِ عَنْ كَوْنِ ذَلِكَ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا أَوْ مُجْمَلًا لَا يَدْرِي الْمُرَادَ مِنْهُ؟ وَهَلْ تَوَقَّفَ فِي فَهْمِ الْمُرَادِ عَلَى إِضْمَارٍ وَحَذْفٍ، ثُمَّ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فِي تَعْيِينِهِ؟
وَلَمَّا قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ} [القصص: 12] فَهِمَ السَّامِعُ الْمُرَادَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْطُرَ بِبَالِهِ حَذْفٌ وَلَا إِضْمَارٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [المائدة: 26] فَإِذَا ظَهَرَ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ وَفَهِمَ السَّامِعُ فَأَيُّ حَاجَةٍ إِلَى دَعْوَى مَحْذُوفٍ يُحْكَمُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ أَنَّهُ أَرَادَهُ، وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْكَلَامُ بِدُونِهِ، وَيُوَضِّحُهُ:
الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ الْأَعْيَانَ تُوصَفُ بِكَوْنِهَا طَيِّبَةً وَخَبِيثَةً وَنَافِعَةً وَضَارَّةً فَكَذَلِكَ تُوصَفُ بِكَوْنِهَا حَلَالًا وَحَرَامًا، إِذِ الْحِلُّ وَالْحُرْمَةُ تَبَعُ طَيِّبِهَا وَخَبِيثِهَا وَكَوْنُهَا

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 355
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست