responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 383
وَهَذِهِ الْفَوْقِيَّةُ هِيَ تَفْسِيرُ الِاسْتِوَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَالْجَهْمِيَّةُ يَجْعَلُونَ كَوْنَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ بِمَعْنَى أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الْعَرْشِ وَأَفْضَلُ مِنْهُ، كَمَا يُقَالُ: الْأَمِيرُ فَوْقَ الْوَزِيرِ، وَالدِّينَارُ فَوْقَ الدِّرْهَمِ، وَالْمَعْنَى عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ بِأَنَّ اللَّهَ خَيْرٌ وَأَفْضَلُ مِنَ الْعَرْشِ.
فَيَالَلْعُقُولِ: أَيْنَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا أَوْ كِنَايَةً وَاسْتِعَارَةً بَعِيدَةً أَنْ يُقَالَ: اسْتَوَى عَلَى كَذَا إِذَا كَانَ أَعْظَمَ مِنْهُ قَدْرًا وَأَفْضَلَ، هَذَا مِنْ لُغَةِ الطَّمَاطِمِ لَا مِنْ لُغَةِ الْقَوْمِ الَّذِينَ بُعِثَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكِتَابُ اللَّهِ لَا يَحْتَمِلُ هَذَا التَّأْوِيلَ الْبَاطِلَ الَّذِي تَنْفِرُ عَنْهُ الْعُقُولُ، يُوَضِّحُهُ:
الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ تَفْضِيلَ الرَّبِّ تَعَالَى عَلَى شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ لَا يُذْكَرُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَدًّا عَلَى مَنِ اتَّخَذَ ذَلِكَ الشَّيْءَ نِدًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ النِّدِّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ} [النمل: 59] وَقَوْلِهِ تَعَالَى حَاكِيًا عَنِ السَّحَرَةِ: {لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا - إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 72 - 73] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [النحل: 17] فَأَمَّا أَنْ يُفَضِّلَ نَفْسَهُ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ خَلْقِهِ ابْتِدَاءً فَهَذَا لَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَلَا هُوَ مِمَّا يُقْصَدُ بِالْإِخْبَارِ، لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ ابْتِدَاءً، اللَّهُ خَيْرٌ مِنِ ابْنِ آدَمَ وَخَيْرٌ مِنَ السَّمَاءِ وَخَيْرٌ مِنَ الْعَرْشِ، مِنْ جِنْسِ قَوْلِ: السَّمَاءُ فَوْقَ الْأَرْضِ وَالثَّلْجُ بَارِدٌ وَالنَّارُ حَارَّةٌ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَمْجِيدٌ وَلَا تَعْظِيمٌ وَلَا مَدْحٌ، وَلِهَذَا لَمْ يَجِئْ هَذَا اللَّفْظُ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا فِي كَلَامِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا مِمَّا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِمَدْحِ الرَّبِّ تَعَالَى بِهِ، مَعَ تَفَنُّنِ مَدْحِهِمْ وَمَحَامِدِهِمْ، بَلْ هُوَ أَرَكُّ كَلَامٍ وَأَسْمَجُهُ، وَأَهْجَنُهُ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهَذَا الْكَلَامِ الَّذِي يَأْخُذُ بِمَجَامِعِ الْقُلُوبَ عَظَمَةً وَجَلَالَةً، وَمَعَانِيهِ أَشْرَفُ الْمَعَانِي وَأَعْظَمُهَا فَائِدَةً أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ أَفْضَلُ مِنَ الْعَرْشِ وَالسَّمَاءِ، وَمِنَ الْمَثَلِ السَّائِرِ نَظْمًا:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ السَّيْفَ يَنْقُصُ قَدْرُهُ ... إِذَا قِيلَ إِنَّ السَّيْفَ أَمْضَى مِنَ الْعَصَا
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْمَقَامُ يَقْتَضِي ذَلِكَ احْتِجَاجًا عَلَى مُبْطِلٍ وَإِبْطَالًا لِقَوْلِ

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 383
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست