responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 386
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ اللَّفْظَ إِنَّمَا يُرَادُ لِمَعْنَاهُ وَمَفْهُومِهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ وَاللَّفْظُ مَقْصُودٌ قَصْدَ الْوَسَائِلِ وَالتَّعْرِيفِ بِالْمُرَادِ، فَإِذَا انْتَفَى الْمَعْنَى وَكَانَتْ إِرَادَتُهُ مُحَالًا لَمْ يَبْقَ فِي ذِكْرِ اللَّفْظِ فَائِدَةٌ، بَلْ كَانَ تَرْكُهُ أَنْفَعُ مِنَ الْإِتْيَانِ بِهِ، فَإِنَّ الْإِتْيَانَ بِهِ إِنَّمَا حَصَلَ مِنْهُ إِيهَامُ الْمُحَالِ وَالتَّشْبِيهُ وَأَوْقَعَ الْأُمَّةَ فِي اعْتِقَادِ الْبَاطِلِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا إِذَا نُسِبَ إِلَى آحَادِ النَّاسِ كَانَ ذَمُّهُ أَقْرَبَ مِنْ مَدْحِهِ فَكَيْفَ يَلِيقُ نِسْبَتُهُ إِلَى مَنْ كَلَامُهُ هُدًى وَشِفَاءٌ وَبَيَانٌ وَرَحْمَةٌ، هَذَا مِنْ أَمْحَلِ الْمُحَالِ.

الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ ظَاهِرَ الِاسْتِوَاءِ وَحَقِيقَتَهُ هُوَ الْعُلُوُّ وَالِارْتِفَاعُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ جَمِيعُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَهْلُ التَّفْسِيرِ الْمَقْبُولِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمُنْكِرُونَ لِلِاسْتِوَاءِ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ وَيَعْنِي بِهِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ، كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْمَحْصُولِ وَغَيْرُهُ، وَهَذَا لَفْظُهُ " لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ بِشَيْءٍ وَيَعْنِي بِهِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ " وَالْخِلَافُ مَعَ الْمُرْجِئَةِ، ثُمَّ احْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ عَبَثٌ وَهُوَ عَلَى اللَّهِ مُحَالٌ، وَالَّذِي احْتَجَّ بِهِ عَلَى الْمُرْجِئَةِ يَحْتَجُّ بِهِ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ بِعَيْنِهِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الْحَقُّ وَهُوَ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعُقَلَاءُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ بِشَيْءٍ وَيُرِيدَ بِهِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ إِلَّا وَفِي السِّيَاقِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُجْمَلِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إِيقَاعُ الْأَوَّلِ فِي اللَّبْسِ وَاعْتِقَادِ الْخَطَأِ بِخِلَافِ الْمُجْمَلِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ مَعَ ظَاهِرِهِ مِنَ الْقُرْآنِ مَا يَنْفِي إِرَادَةَ غَيْرِهِ، فَدَعْوَى إِرَادَةِ غَيْرِ الظَّاهِرِ حِينَئِذٍ مُمْتَنَعٌ مِنَ الْوَجْهَيْنِ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ حَقِيقَةَ هَذَا الْمَجَازِ أَنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ رَبٌّ، وَلَا عَلَى الْعَرْشِ إِلَّا الْعَدَمُ الْمَحْضُ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ تُرْفَعُ إِلَيْهِ الْأَيْدِي وَيَصْعَدُ إِلَيْهِ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ، وَتَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ، وَيَنْزِلُ الْوَحْيُ مِنْ عِنْدِهِ وَيَقِفُ الْعِبَادُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عُرِجَ بِرَسُولِهِ إِلَيْهِ حَقِيقَةً، وَلَا رُفِعَ الْمَسِيحُ إِلَيْهِ حَقِيقَةً وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشِيرَ إِلَيْهِ أَحَدُنَا بِإِصْبَعِهِ إِلَى فَوْقَ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: أَيْنَ هُوَ كَمَا قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَ مَنْ يَقُولُ: أَيْنَ وَيُقِرُّهُ عَلَيْهِ، كَمَا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّائِلِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ بِأَبْصَارِهِمْ عَيَانًا فَوْقَهُمْ وَلَا لَهُ حِجَابٌ حَقِيقَةً يَحْتَجِبُ بِهِ عَنْ خَلْقِهِ، وَلَا يَقْرُبُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَبْعُدُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَنِسْبَتُهُ مِنْ فَوْقِ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا إِلَى الْقُرْبِ مِنْهُ كَنِسْبَةِ مَنْ فِي أَسْفَلِ سَافِلِينَ، كُلُّهَا فِي الْقُرْبِ مِنْ ذَاتِهِ سَوَاءٌ، فَهَذَا حَقِيقَةُ هَذَا الْمَجَازِ وَحَاصِلُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا أَشَدُّ مُنَاقَضَةً لِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنْهُ لِلْمَعْقُولِ الصَّرِيحِ، فَيَكُونُ مِنْ أَبَطَلِ الْبَاطِلِ.

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 386
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست