responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 404
قَالَ الْأَشْعَرِيُّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي ذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهُ آخِرُ كُتُبِهِ وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ فِي ذِكْرِهِ مَنَاقِبَهُ وَاعْتِقَادِهِ، قَالَ: فَإِنْ سَأَلَنَا سَائِلٌ فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ إِنَّ لِلَّهِ يَدَيْنِ؟ قِيلَ: نَعَمْ، نَقُولُ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بِيَدِهِ وَغَرَسَ جَنَّةَ طُوبَى بِيَدِهِ» "، وَقَالَ تَعَالَى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] وَفِي الْحَدِيثِ: " «كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ» " وَلَيْسَ يَجُوزُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَلَا فِي عَادَةِ أَهْلِ الْخِطَابِ أَنْ يَقُولُوا لِقَائِلٍ: عَمِلْتُ كَذَا وَكَذَا بِيَدِي، هُوَ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ، إِذَا كَانَ اللَّهُ خَاطَبَ الْعَرَبَ بِلُغَاتِهَا، وَمَا تَجِدُهُ مَفْهُومًا فِي كَلَامِهَا وَمَعْقُولًا فِي خِطَابِهَا، وَإِذْ لَا يَجُوزُ فِي خِطَابِهَا أَنْ يَقُولَ الْقَائِلَ: فَعَلْتُ بِيَدِي وَيَعْنِي النِّعْمَةَ، بَطَلَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى بِيَدِي النِّعْمَةَ وَسَاقَ الْكَلَامَ فِي إِنْكَارِ هَذَا التَّأْوِيلِ وَأَطَالَهُ جِدًّا وَقَرَّرَ أَنَّ لَفْظَ الْيَدَيْنِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَظَاهِرِهِ، وَبَيَّنَ أَنَّ اللُّغَةَ الَّتِي أُنْزِلَ بِهَا الْقُرْآنُ لَا تَحْتَمِلُ مَا تَأَوَّلَتِ الْجَهْمِيَّةُ.
وَقَالَ لِسَانُ أَصْحَابِهِ وَأَجَلُّهُمُ ابْنُ الطَّيِّبِ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ وَهُوَ أَشْهَرُ كُتُبِهِ: فَإِنْ قَالَ الْقَائِلُ: فَمَا الْحُجَّةُ فِي أَنَّ لِلَّهِ وَجْهًا وَيَدَيْنِ قِيلَ لَهُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] وَقَوْلُهُ: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] فَأَثْبَتَ لِنَفْسِهِ وَجْهًا وَيَدَيْنِ، فَإِنْ قَالُوا: بِمَ أَنْكَرْتُمْ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَنَّهُ خَلَقَهُ بِقُدْرَتِهِ أَوْ بِنِعْمَتِهِ لِأَنَّ الْيَدَيْنِ فِي اللُّغَةِ تَكُونُ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ وَبِمَعْنَى الْقُدْرَةِ كَمَا يُقَالُ: لِفُلَانٍ عِنْدِي يَدٌ بَيْضَاءُ، وَهَذَا شَيْءٌ فِي يَدِ فُلَانٍ، وَتَحْتَ يَدِهِ، وَيُقَالُ رَجُلُ أَيْدٍ إِذَا كَانَ قَادِرًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: 71] يُرِيدُ عَمِلْنَا بِقُدْرَتِنَا، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ ... تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بِالْيَمِينِ
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] يَعْنِي بِقُدْرَتِهِ وَنِعْمَتِهِ، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا بَاطِلٌ، إِذْ قَوْلُهُ بِيَدَيَّ يَقْتَضِي إِثْبَاتَ يَدَيْنِ هُمَا صِفَةٌ لَهُ، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِمَا الْقُدْرَةُ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ قُدْرَتَانِ، وَأَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى قُدْرَةً وَاحِدَةً فَكَيْفَ يَجُورُ أَنْ تُثْبِتُوا قُدْرَتَيْنِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ الْمُثْبِتُونَ لِلصِّفَاتِ وَالنَّافُونَ لَهَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُورُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ تَعَالَى قُدْرَتَانِ فَبَطَلَ مَا قُلْتُمْ.
وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بِنِعْمَتَيْنِ ; لِأَنَّ نِعَمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى آدَمَ وَغَيْرِهِ لَا تُحْصَى ; وَلِأَنَّ الْقَائِلَ لَا يَجُورُ أَنْ يَقُولَ: رَفَعْتُ الشَّيْءَ أَوْ وَضَعْتُهُ بِيَدَيَّ أَوْ تَوَلَّيْتُهُ بِيَدِي وَهُوَ يُرِيدُ نِعْمَتَهُ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُورُ أَنْ يُقَالَ لِي: عِنْدَ فُلَانٍ يَدَانِ يَعْنِي

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 404
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست