responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 47
يَجُوزُ وَيَصْلُحُ لِنِسْبَتِهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا سِيَّمَا وَالْمُتَأَوِّلُ يُخْبِرُ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنَّ تَأْوِيلَ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ بِمَا يُوَافِقُ ظَاهِرَهُ أَوْ يُخَالِفُهُ إِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِمُرَادِهِ.
فَإِذَا عَلِمَ الْمُتَكَلِّمُ لَمْ يُرِدْ هَذَا الْمَعْنَى، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يُرِيدَهُ وَأَنَّ فِي صِفَاتِ كَمَالِهِ وَنُعُوتِ جَلَالِهِ مَا يَمْنَعُ مِنْ إِرَادَتِهِ، اسْتَحَالَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ إِرَادَتَهُ.
فَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ يَجِبُ مَعْرِفَتُهُ، وَمَنْ أَحَاطَ بِهِ فَعَرَفَهُ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّا يَدَّعِيهِ الْمُخَرِّفُونَ لِلتَّأْوِيلَاتِ، مِمَّا يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَمْ يُرِدْهُ.
وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَسُوغُ لِبَعْضِ الشُّعَرَاءِ أَوِ الْكُتَّابِ الْقَاصِدِينَ التَّعْمِيَةَ، لِغَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الَّذِي تَأَوَّلَهُ الْمُتَأَوِّلُ مِمَّا يَسُوغُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهِ فِي تِلْكَ اللُّغَةِ الَّتِي وَقَعَ بِهَا التَّخَاطُبُ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَلَّا يَعُودَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ بِالْإِبْطَالِ وَالتَّعْطِيلِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ قَرَائِنُ تَحْتَفُّ بِهِ تُبَيِّنُ أَنَّهُ مُرَادٌ بِاللَّفْظِ، وَإِلَّا كَانَتْ دَعْوَى إِرَادَتِهِ كَذِبًا عَلَى الْمُتَكَلِّمِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ لَكَ أَمْثِلَةً:
الْمِثَالُ الْأَوَّلُ: تَأَوُّلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الفرقان: 59] بِأَنَّهُ أَقْبَلَ عَلَى خَلْقِهِ، فَهَذَا إِنْشَاءٌ مِنْهُمْ لِوَضْعِ لَفْظِ (اسْتَوَى) عَلَى (أَقْبَلَ) وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا مَعَانِي اسْتَوَى وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي مَعَانِيهِ الْإِقْبَالَ عَلَى الْخَلْقِ، فَهَذِهِ كُتُبُ اللُّغَةِ طَبَّقَتِ الْأَرْضَ لَا تَجِدُ أَحَدًا مِنْهُمْ يَحْكِي ذَلِكَ عَنِ اللُّغَةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ اسْتِوَاءَ الشَّيْءِ وَالِاسْتِوَاءَ إِلَى وَالِاسْتِوَاءَ عَلَيْهِ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَهُ وَوُجُودَ مَا نُسِبَ إِلَيْهِ الِاسْتِوَاءُ بِإِلَى أَوْ بِعَلَى، فَلَا يُقَالُ: اسْتَوَى إِلَى أَمْرٍ مَعْدُومٍ وَلَا اسْتَوَى عَلَيْهِ، فَهَذَا التَّأْوِيلُ إِنْشَاءٌ مَحْضٌ لَا إِخْبَارٌ صَادِقٌ عَنِ اسْتِعْمَالِ أَهْلِ اللُّغَةِ.
وَكَذَلِكَ تَأْوِيلُهُمُ الِاسْتِوَاءَ بِالِاسْتِيلَاءِ فَإِنَّ هَذَا لَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ لُغَتِهَا وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ كَابْنِ الْأَعْرَابِيِّ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ، وَلَوِ احْتَمَلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَمِلْهُ هَذَا التَّرْكِيبُ، فَإِنَّ اسْتِيلَاءَهُ سُبْحَانَهُ وَغَلَبَتَهُ لِلْعَرْشِ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَالْعَرْشُ مَخْلُوقٌ قَبْلَ خَلْقِهِمَا بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا صَحَّ عَنْهُ، وَبُطْلَانُ هَذَا التَّأْوِيلِ مِنْ أَرْبَعِينَ وَجْهًا سَنَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ.

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست