responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 482
عَنْ قُرْبِ ذَاتِهِ وَقُرْبِ ثَوَابِهِ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، وَاكْتَفَى بِالْخَبَرِ عَنْ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62] ، {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] وَمِثْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْوُجُوهِ {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً} [الشعراء: 4] الْآيَةَ، أَيْ فَذَلُّوا لَهَا خَاضِعِينَ {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ} [الشعراء: 4] لَهَا خَاضِعَةً. وَإِمَّا لِأَنَّ الْقَرِيبَ يُرَادُ بِهِ شَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: النَّسَبُ وَالْقُرْبَةُ فَهَذَا يُؤَنَّثُ، تَقُولُ: هَذِهِ قَرِيبَةٌ لِي وَقَرَابَةٌ.
وَالثَّانِي: قُرْبُ الْمَكَانِ وَالْمَنْزِلَةِ، وَهَذَا يُجَرَّدُ عَنِ التَّاءِ، تَقُولُ جَلَسَتْ فُلَانَةُ قَرِيبًا مِنِّي، هَذَا فِي الظَّرْفِ، ثُمَّ أَجْرَوُا الصِّفَةَ مُجْرَاهُ لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا، حَيْثُ لَمْ يُرَدْ بِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَسَبٌ وَلَا قَرَابَةٌ وَإِنَّمَا أُرِيدَ قُرْبُ الْمَكَانَةِ وَالْمَنْزِلَةِ، وَإِمَّا لِأَنَّ تَأْنِيثَ الرَّحْمَةِ لَمَّا كَانَ غَيْرَ حَقِيقِيٍّ سَاغَ حَذْفُ التَّاءِ مِنْ صِفَتِهِ وَخَبَرِهِ كَمَا سَاغَ حَذْفُهَا مِنَ الْفِعْلِ، نَحْوَ طَلَعَ الشَّمْسُ، إِمَّا لِأَنَّ قَرِيبًا مَصْدَرٌ لَا وَصْفٌ، كَالنَّقِيضِ وَالْعَوِيلِ وَالْوَجِيبِ مُجَرَّدٌ عَنِ التَّاءِ، لِأَنَّكَ إِذَا أَخْبَرْتَ عَنِ الْمُؤَنَّثِ بِالْمَصْدَرِ لَمْ تَلْحَقْهُ التَّاءُ، كَمَا تَقُولُ امْرَأَةٌ عَدْلٌ وَصَوْمٌ وَنَوْمٌ.

وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ الرَّحْمَةَ لَمَّا كَانَتْ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَصِفَاتُهُ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ، فَإِذَا كَانَتْ قَرِيبَةً مِنَ الْمُحْسِنِينَ، فَهُوَ قَرِيبٌ سُبْحَانَهُ مِنْهُمْ قَطْعًا، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَرِيبٌ مِنْ أَهْلِ الْإِحْسَانِ، وَمِنْ أَهْلِ سُؤَالِهِ بِإِجَابَتِهِ.
وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِحْسَانَ يَقْتَضِي قُرْبَ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ، فَيُقَرِّبُ رَبَّهُ مِنْهُ إِلَيْهِ، بِإِحْسَانِهِ تَقَرَّبَ تَعَالَى إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ «مَنْ تَقَرَّبَ مِنْهُ شِبْرًا يَتَقَرَّبْ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنْهُ ذِرَاعًا تَقَرَّبَ مِنْهُ بَاعًا» ، فَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ بِذَاتِهِ وَرَحْمَتِهِ قُرْبًا لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ، كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَقْرُبُ مِنْ عِبَادِهِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَهُوَ فَوْقَ عَرْشِهِ، فَإِنَّ عُلُوَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى سَمَاوَاتِهِ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ، فَلَا يَكُونُ قَطُّ إِلَّا عَالِيًا وَلَا يَكُونُ فَوْقَهُ شَيْءٌ أَلْبَتَّةَ، كَمَا قَالَ أَعْلَمُ الْخَلْقِ " «وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ» " وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَرِيبٌ فِي عُلُوِّهِ عَالٍ فِي قُرْبِهِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا بِالتَّكْبِيرِ فَقَالَ " أَيُّهَا النَّاسُ أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ سَمِيعٌ

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 482
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست