responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 506
ذَلِكَ فِي كِتَابِ (خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ) فَإِنَّهُ بَنَاهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ أَصْوَاتَ الْعِبَادِ مِنْ أَفْعَالِهِمْ أَوْ مُتَوَلِّدَةٌ عَنْ أَفْعَالِهِمْ فَهِيَ مِنْ أَفْعَالِهِمْ، فَالصَّوْتُ صَوْتُ الْعَبْدِ حَقِيقَةً، وَالْكَلَامُ كَلَامُ اللَّهِ حَقِيقَةً، أَدَّاهُ الْعَبْدُ بِصَوْتِهِ كَمَا يُؤَدِّي كَلَامَ الرَّسُولِ وَغَيْرِهِ بِصَوْتِهِ، فَالْعَبْدُ مَخْلُوقٌ وَصِفَاتُهُ مَخْلُوقَةٌ وَأَفْعَالُهُ مَخْلُوقَةٌ وَصَوْتُهُ وَتِلَاوَتُهُ مَخْلُوقَةٌ، وَالْمَتْلُوُّ الْمُؤَدَّى بِالصَّوْتِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ.
وَاحْتَجَّ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ فِي (خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ) عَلَى ذَلِكَ بِنُصُوصِ التَّبْلِيغِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] وَقَوْلِهِ: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} [الشورى: 48] وَقَوْلِهِ: {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي} [الأعراف: 79] وَهَذَا مِنْ رُسُوخِهِ فِي الْعِلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ أَصْلَيْنِ ضَلَّ فِيهِمَا أَهْلُ الزَّيْغِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرَّسُولَ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْكَلَامِ إِلَّا مُجَرَّدُ تَبْلِيغِهِ، فَلَوْ كَانَ هُوَ قَدْ أَنْشَأَ أَلْفَاظَهُ لَمْ يَكُنْ مُبَلِّغًا بَلْ مُنْشِئًا مُبْتَدِئًا، وَلَا تَعْقِلُ الْأُمَمُ كُلُّهَا مِنَ التَّبْلِيغِ سِوَى تَأْدِيَةِ كَلَامِ الْغَيْرِ بِأَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ وَلِهَذَا يُضَافُ الْكَلَامُ إِلَى الْمُبَلَّغِ عَنْهُ لَا إِلَى الْمُبَلِّغِ.
وَأَيْضًا فَالتَّبْلِيغُ وَالْبَلَاغُ هُوَ الْإِيصَالُ، وَهُوَ مُعَدًّى مَنْ بَلَغَ إِذَا وَصَلَ، وَالْإِيصَالُ حَقِيقَةً أَنْ يُورِدَ إِلَى الْمُوصَلِ إِلَيْهِ مَا حَمَّلَهُ إِيَّاهُ غَيْرُهُ، فَلَهُ مُجَرَّدُ إِيصَالِهِ.
الْأَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ التَّبْلِيغَ فِعْلُ الْمُبَلِّغِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ مَقْدُورٌ لَهُ، وَتَبْلِيغُهُ هُوَ تِلَاوَتُهُ بِصَوْتِ نَفْسِهِ، فَلَوْ كَانَ الصَّوْتُ وَالتِّلَاوَةُ وَصَوْتُ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ أَزَلِيًّا وَتِلَاوَتُهُ لَمْ يَكُنْ فِعْلًا مَأْمُورًا بِهِ مُضَافًا إِلَى الْمَأْمُورِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالتَّبْلِيغُ هُوَ صَوْتُ الْمُبَلِّغِ الْقَائِمِ بِهِ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَأَنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ» "، فَتَأَمَّلْ مَقْصُودَهُ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ فَلَوْ كَانَتْ أَصْوَاتُنَا بِالْقُرْآنِ هِيَ نَفْسَ الصَّوْتِ الْقَدِيمِ الَّذِي تَكَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ لَمْ يَكُنِ الْوَحْيُ قَدِ انْقَطَعَ، بَلْ هُوَ مُتَّصِلٌ مَا دَامَتْ أَصْوَاتُ الْعِبَادِ مَسْمُوعَةً بِالتِّلَاوَةِ، فَالْقَائِلُونَ إِنَّ هَذَا الصَّوْتَ الْقَدِيمَ ظَهَرَ عِنْدَ تِلَاوَةِ التَّالِي، وَهُوَ الصَّوْتُ الَّذِي أَوْحَى اللَّهُ بِهِ الْوَحْيَ إِلَى رَسُولِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ لَزِمَهُ لُزُومًا بَيِّنًا أَنَّ الْوَحْيَ مُتَّصِلٌ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ.

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 506
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست