responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 358
أَسْمَاعُ قُلُوبِهِمْ قَدْ أَثْقَلَهَا الْوَقْرُ، فَهِيَ لَا تَسْمَعُ مُنَادِيَ الْإِيمَانِ، وَعُيُونُ بَصَائِرِهِمْ عَلَيْهَا غِشَاوَةُ الْعَمَى، فَهِيَ لَا تُبْصِرُ حَقَائِقَ الْقُرْآنِ، وَأَلْسِنَتُهُمْ بِهَا خَرَسٌ عَنِ الْحَقِّ فَهُمْ بِهِ لَا يَنْطِقُونَ {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [البقرة: 18] .
صَابَ عَلَيْهِمْ صَيِّبُ الْوَحْيِ، وَفِيهِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ وَالْأَرْوَاحِ، فَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ إِلَّا رَعْدَ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ وَالتَّكَالِيفِ الَّتِي وُظِّفَتْ عَلَيْهِمْ فِي الْمَسَاءِ وَالصَّبَاحِ، فَجَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ، وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ، وَجَدُّوا فِي الْهَرَبِ، وَالطَّلَبُ فِي آثَارِهِمْ وَالصِّيَاحُ، فَنُودِيَ عَلَيْهِمْ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، وَكُشِفَتْ حَالُهُمْ لِلْمُسْتَبْصِرِينَ، وَضُرِبَ لَهُمْ مَثَلَانِ بِحَسَبَ حَالِ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْهُمْ: الْمُنَاظِرِينَ، وَالْمُقَلِّدِينَ، فَقِيلَ {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} [البقرة: 19] .
ضَعُفَتْ أَبْصَارُ بَصَائِرِهِمْ عَنِ احْتِمَالِ مَا فِي الصَّيِّبِ مِنْ بُرُوقِ أَنْوَارِهِ وَضِيَاءِ مَعَانِيهِ، وَعَجَزَتْ أَسْمَاعُهُمْ عَنْ تَلَقِّي رُعُودِ وُعُودِهِ وَأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، فَقَامُوا عِنْدَ ذَلِكَ حَيَارَى فِي أَوْدِيَةِ التِّيهِ، لَا يَنْتَفِعُ بِسَمْعِهِ السَّامِعُ، وَلَا يَهْتَدِي بِبَصَرِهِ الْبَصِيرُ، {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 20] .

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 358
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست