responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 451
الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ، وَمَا يَخْتَصُّ بِالنَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ مِنْهُمْ، مِنْ حِينِ يَسْتَقِرُّ فِي رَحِمِ أُمِّهِ إِلَى يَوْمِ يُوَافِي رَبَّهُ وَيَقْدَمُ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ فِيهِ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ دَارِ النَّعِيمِ الْمُطْلَقِ الَّتِي لَا يَشْعُرُونَ فِيهَا بِأَلَمٍ وَلَا نَكَدٍ وَتَنْغِيصٍ، وَمَا أَعَدَّ لِأَعْدَائِهِ مِنْ دَارِ الْعِقَابِ الْوَبِيلِ الَّتِي لَا يُخَالِطُهَا سُرُورٌ وَلَا رَخَاءٌ وَلَا رَاحَةٌ وَلَا فَرَحٌ. وَتَفَاصِيلِ ذَلِكَ أَتَمَّ تَفْصِيلٍ وَأَبْيَنَهُ، وَعَلَى تَفَاصِيلِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالشَّرْعِ وَالْقَدَرِ، وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْمَوَاعِظِ وَالْعِبَرِ، وَالْقَصَصِ وَالْأَمْثَالِ، وَالْأَسْبَابِ وَالْحِكَمِ، وَالْمَبَادِئِ وَالْغَايَاتِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ.
فَلَا تَزَالُ مَعَانِيهِ تُنْهِضُ الْعَبْدَ إِلَى رَبِّهِ بِالْوَعْدِ الْجَمِيلِ، وَتُحَذِّرُهُ وَتُخَوِّفُهُ بِوَعِيدِهِ مِنَ الْعَذَابِ الْوَبِيلِ، وَتَحُثُّهُ عَلَى التَّضَمُّرِ وَالتَّخَفُّفِ لِلِقَاءِ الْيَوْمِ الثَّقِيلِ، وَتَهْدِيهِ فِي ظُلَمِ الْآرَاءِ وَالْمَذَاهِبِ إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَتَصُدُّهُ عَنِ اقْتِحَامِ طُرُقِ الْبِدَعِ وَالْأَضَالِيلِ وَتَبْعَثُهُ عَلَى الِازْدِيَادِ مِنَ النِّعَمِ بِشُكْرِ رَبِّهِ الْجَلِيلِ، وَتُبَصِّرُهُ بِحُدُودِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَتُوقِفُهُ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَتَعَدَّاهَا فَيَقَعَ فِي الْعَنَاءِ الطَّوِيلِ، وَتُثَبِّتُ قَلْبَهُ عَنِ الزَّيْغِ وَالْمَيْلِ عَنِ الْحَقِّ وَالتَّحْوِيلِ، وَتُسَهِّلُ عَلَيْهِ الْأُمُورَ الصِّعَابَ وَالْعَقَبَاتِ الشَّاقَّةَ غَايَةَ التَّسْهِيلِ، وَتُنَادِيهِ كُلَّمَا فَتَرَتْ عَزَمَاتُهُ وَوَنَى فِي سَيْرِهِ تَقَدَّمَ الرَّكْبُ وَفَاتَكَ الدَّلِيلُ، فَاللِّحَاقَ اللِّحَاقَ، وَالرَّحِيلَ الرَّحِيلَ، وَتَحْدُو بِهِ وَتَسِيرُ أَمَامَهُ سَيْرَ الدَّلِيلِ، وَكُلَّمَا خَرَجَ عَلَيْهِ كَمِينٌ مِنْ كَمَائِنِ الْعَدُوِّ، أَوْ قَاطِعٌ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ نَادَتْهُ: الْحَذَرَ الْحَذَرَ! فَاعْتَصِمْ بِاللَّهِ، وَاسْتَعِنْ بِهِ، وَقُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
وَفِي تَأَمُّلِ الْقُرْآنِ وَتَدَبُّرِهِ، وَتَفَهُّمِهِ، أَضْعَافُ أَضْعَافِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْحِكَمِ وَالْفَوَائِدِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ أَعْظَمُ الْكُنُوزِ، طَلْسَمُهُ الْغَوْصُ بِالْفِكْرِ إِلَى قَرَارِ مَعَانِيهِ.
نَزِّهْ فُؤَادَكَ عَنْ سِوَى رَوْضَاتِهِ ... فَرِيَاضُهُ حِلٌّ لِكُلِّ مُنَزَّهِ
وَالْفَهْمُ طَلْسَمٌ لِكَنْزِ عُلُومِهِ ... فَاقْصِدْ إِلَى الطَّلْسَمِ تَحْظَ بِكَنْزِهِ
لَا تَخْشَ مِنْ بِدَعٍ لَهُمْ وَحَوَادِثِ ... مَا دُمْتَ فِي كَنَفِ الْكِتَابِ وَحِرْزِهِ
مَنْ كَانَ حَارِسَهُ الْكِتَابُ وَدِرْعَهُ ... لَمْ يَخْشَ مِنْ طَعْنِ الْعَدُوِّ وَوَخْزِهِ
لَا تَخْشَ مِنْ شُبُهَاتِهِمْ وَاحْمِلْ إِذَا ... مَا قَابَلَتْكَ بِنَصْرِهِ وَبِعِزِّهِ
وَاللَّهِ مَا هَابَ امْرُؤٌ شُبُهَاتِهِمْ ... إِلَّا لِضَعْفِ الْقَلْبِ مِنْهُ وَعَجْزِهِ
يَا وَيْحَ تَيْسٍ ظَالِعٍ يَبْغِي مُسَا ... بَقَةَ الْهِزَبْرِ بِعَدْوِهِ وَبِجَمْزِهِ
وَدُخَانِ زِبْلٍ يَرْتَقِي لِلشَّمْسِ يَسْ ... تُرُ عَيْنَهَا لَمَّا سَرَى فِي أَزِّهِ
وَجَبَانِ قَلْبٍ أَعْزَلٍ قَدْ رَامَ يَأْسِ ... رُ فَارِسًا شَاكِي السِّلَاحِ بِهَزِّهِ

[فَصْلٌ آثَارُ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ الْخَمْسَةِ]
[الْمُفْسِدُ الْأَوَّلُ كَثْرَةُ الْخُلْطَةِ]
فَصْلٌ
] وَأَمَّا مُفْسِدَاتُ الْقَلْبِ الْخَمْسَةُ فَهِيَ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا: مِنْ كَثْرَةِ الْخُلْطَةِ وَالتَّمَنِّي،

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 451
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست