نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 238
شامل للكل وزيادة وللسالكين فيه طرق فمنهم من كره ذلك إذ وردت أخبار تدل على كراهته
والصحيح أنه إنما يكره لشيئين أحدهما أن لا يفطر في العيدين وأيام التشريق فهو الدهر كله [1] والآخر أن يرغب عن السنة في الإفطار ويجعل الصوم حجراً على نفسه مع أن الله سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه
فإذا لم يكن شيء من ذلك ورأى صلاح نفسه في صوم الدهر فليفعل ذلك فقد فعله جماعة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم
وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو موسى الأشعري من صام الدهر كله ضيقت عليه جهنم وعقد تسعين [2] ومعناه لم يكن له فيها موضع ودونه درجة أخرى وهو صوم نصف الدهر بأن يصوم يوماً ويفطر يوماً وذلك أشد على النفس وأقوى في قهرها وقد ورد في فضله أخبار كثيرة لأن العبد فيه بين صوم يوم وشكر يوم فقد قال صلى الله عليه وسلم عرضت علي مفاتيح خزائن الدنيا وكنوز الأرض فرددتها وقلت أجوع يوماً وأشبع يوماً أحمدك إذا شبعت وأتضرع إليك إذا جعت [3] وقال صلى الله عليه وسلم أفضل الصيام صوم أخي داود كان يصوم ويفطر يوماً [4] ومن ذلك منازلته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو رضي الله عنهما في الصوم وهو يقول إني أطيق أكثر من ذلك فقال صلى الله عليه وسلم صم يوماً وأفطر يوماً فقال إني أريد أفضل من ذلك قال صلى الله عليه وسلم لا أفضل من ذلك [5] وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم ما صام شهراً كاملاً قط إلا رمضان [6] بل كان يفطر منه ومن لا يقدر على صوم نصف الدهر فلا بأس بثلثه وهو أن يصوم ويفطر يومين
وإذا صام ثلاثة من من أول الشهر وثلاثة من الوسط وثلاثة من الآخر فهو ثلث وواقع في الأوقات الفاضلة
وإن صام الاثنين والخميس والجمعة فهو قريب من الثلث
وَإِذَا ظَهَرَتْ أَوْقَاتُ الْفَضِيلَةِ فَالْكَمَالُ فِي أَنْ يفهم الإنسان معنى الصوم وأن مقصوده تَصْفِيَةُ الْقَلْبِ وَتَفْرِيغُ الْهَمِّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
والفقيه بدقائق الباطن ينظر إلى أحواله فقد يقتضي حاله دوام الصوم وقد يقتضي دوام الفطر وقد يقتضي مزج الإفطار بالصوم
وإذا فهم المعنى وتحقق حده في سلوك طريق الآخرة بمراقبة القلب لم يخف عليه صلاح قلبه وذلك لا يوجب ترتيباً مستمراً ولذلك روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى يقال لا يفطر ويفطر حتى يقال لا يصوم وينام حتى يقال لا يقوم ويقوم حتى يقال لا ينام [7] وكان ذلك بحسب ما ينكشف له بنور النبوة من القيام بحقوق الأوقات
وقد كره العلماء أن يوالى بين الإفطار أكثر من أربعة أيام تقديراً بيوم العيد وأيام التشريق وذكروا أن ذلك يقسي القلب ويولد رديء العادات ويفتح أبواب الشهوات ولعمري هو كذلك في حق أكثر الخلق لا سيما من يأكل في اليوم والليل مرتين فهذا ما أردنا ذكره من ترتيب الصوم المتطوع به والله أعلم بالصواب
تم كتاب أسرار الصوم والحمد لله بجميع محامده كلها ما علمنا منها وما لم نعلم على جميع نعمه كلها ما علمنا منها [1] الأحاديث الدالة على كراهة صيام الدهر أخرجها البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو وفي حديث لابن ماجه لا صام من صام الأبد ولمسلم من حديث أبي قتادة قيل يا رسول الله كيف بمن صام الدهر قال لا صام ولا أفطر وأخرج النسائي نحوه من حديث عبد الله بن عمر وعمران بن حصين وعبد الله بن الشخير [2] حديث أبي موسى الأشعري من صام الدهر كله ضيقت عليه جهنم هكذا وعقد تسعين أخرجه أحمد والنسائي في الكبرى وابن حبان وحسنه أبو علي الطوسي [3] حديث عرضت علي مفاتيح خزائن الدنيا الحديث أخرجه الترمذي من حديث أبي أمامة بلفظ عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهباً وقال حسن [4] حديث أفضل الصيام صوم أخي داود الحديث أخرجاه من حديث عبد الله بن عمر [5] حديث منازلته لعبد الله بن عمر وقوله صلى الله عليه وسلم صم يوماً وأفطر يوما الحديث أخرجاه من حديثه [6] حديث ما صام شهراً كاملاً قط إلا رمضان أخرجاه من حديث عائشة [7] حديث كان يصوم حتى يقال لا يفطر الحديث أخرجاه من حديث عائشة وابن عباس دون ذكر القيام والنوم والبخاري من حديث أنس كان يفطر من الشهر حتى يظن أن لا يصوم منه شيئا ويصوم حتى يظن أن لا يفطر منه شيئا وكان لا تشاه تراه من الليل مصليا إلا رأيته ولا نائما إلا رأيته
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 238