لبعدهم عن المدينة المنورة، فكان يقع بينهم الاختلاف كاختلاف في تفسير ما يعرفونه من كتاب الله، او سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتطبيقه على ما نابهم من احداث وقدا لا يجدون في ذلك نصا فتختلف اجتهاداتهم ... هؤلاء اذا عادوا الى المدينة، والتقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم عرضوا عليه ما فهموه من النصوص التي بين أيديهم او ما اجتهدوا فيه من القضايا فإما ان يقرهم على ذلك فيصبح جزءا من سنته صلى الله عليه وسلم وإما أن يبين لهم وجه الحق والصواب فيطمئنون لحكمه صلى الله عليه وسلم ويأخذون به ويرتفع الخلاف، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
أما أخرجه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الاحزاب: «لا يصلين أحد العصر الا في بني قريظة» فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، أي: ديار بني قريظة.
وقال بعظهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم» [9] وظاهر من هذا الحديث الشريف ان الصحابة رضوان الله عليهم انقسموا الى فريقين في موقفهم من أداء صلاة العصر: فريق أخذ بظاهر اللفظ (كما يقول المناطقة) أوم بما يسميه أصوليو الحنفية بـ «عبارة النص» . وفريق استنبط من النص معنى خصصه به. [9] انظر صحيح البخاري بهامش شرحه فتح الباري (7/313) ، وإرشاد الساري والعيني (8/254) ومتن البخاري (5/47) في كتاب المغازي ويستحسن مراجعته في باب صلاة الخوف، ومسلما في «كتاب الصلاة» .