(وان كنتم مرضى او على سفر او جاء احد منكم من الغائط او لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) «المائدة60» ولم يسألوا وهم ليسوا من أهل النظر.
واما حديث اسامة فيفهم منه كأنه رضي الله عنه تأول قول الله تعالى:
( ... فلم يك ينفعهم ايمانهم لمّا رأوا بأسنا ... ) «غافر 85» .
واعتبر الآية نافية للنفع في الدنيا والآخر وأنها عامة في الحالين وليست خاصة بالآخر، كما هو ظاهر من الآية الكريمة، ولعل ذلك ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يعنفه.
تلك بعض فتاوى الصحابة رضوان الله عليهم التي لم يقرهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم [17] .
لقد كان الناس يستفتونه، عليه الصلاة والسلام، في الوقائع فيفتيهم، وترفع اليه القضايا فيقضي فيها [18] ويرى الفعل الحسن فيستحسنه ويثني على فاعله ويرى الفعل المغاير فينكره، ويتعلم منه اصحابه رضوان الله عليهم ذلك، ويرويه بعضهم لبعضهم الآخر فيشيع بين الآخرين، وقد يختلفون فيتحاورون فيما اختلفوا فيه بدافع الحرص، دون أن يجاوزا ذلك الى التنازع والشقاق، وتراشق الاتهامات وتبادل الطعون لأنهم بالرجوع الى كتاب الله تعالى، والى رسوله صلى الله عليه وسلم يحسمون أي خلاف دون ان تبقى اية رواسب يمكن ان تلقي ظلالها على اخوّتهم. [17] وقد احصى ابن حزم جملة كبيرة من فتاوى الصحابة التي لم يقرهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وانظرها في الإحكام (6/84 85) وراجع (2/126 127) . [18] تراجع حجة الله البالغة (1/298) .