عليه القوم وقال: أين تريدون يا معشر المهاجرين. قلنا: نريد اخواننا هؤلاء من الانصار قالا: فلا عليكم الا تقربوهم يا معشر المهاجرين، اقضوا امركم. قال: قلت: والله لنأتينهم فانطلقنا حتى اتيناهم في سقيفة بني ساعدة، فاذا بين ظهرانينا رجل مزمل فقلت: من هذا الرجل؟ فقالوا: سعد بن عبادة، فقلت ماله؟ فقالوا: وجع فلما جلسنا نشهد خطيبهم ... ثم ذكر مآثر الانصار وفضائلهم، وما يدل على أنهم أولى بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيرهم.
وهنا لابد من وقفة فالانصار اهل البل وهم فيها الغالبية المطلقة كما يقال اليوم وهم الذين آووا ونصروا وتبوؤوا الدار والايمان وفتحوا للاسلام قلوبهم قبل بيوتهم وليس هناك مهاجر واحد الا ولأخ له من الانصار عليه فضل كبير ولو كان في أمر الخلافة نص قاطع من كتاب الله او سنة رسوله عليه الصلاة والسلام لانتهى الامر بذكره والاحتكام اليه وارتفع الخلاف ولكن ليس هناك شيء من ذلك فلم يبق الا التحلي بكل خصال الحكمة والحنكة، وأدب الاختلاف والحوار العقلاني الهادئ القائم على إثارة أنبل المشاعر وافضلها لدى كل من الطرفين، لتجاوز العقبة، واحتواء الأزمة، والخروج منها، وذلك ما كان يقول سيدنا عمر.
ولما سكت أي خطب الأنصار أردت أن أتكلم وقد زورت (هيأت وحسنت) في نفسي مقالة أعجبتني. فقال أبو بكر: على رسلك يا عمر؛ فكرهت أن أغضبه، وهو كان أعلم مني وأوقر فوالله ما ترك كلمة أعجبتني من تزويري الا قالها في بديهته، أو مثلها أو أفضل