منهما [45] . ومع ذلك فإن اختلافهما هذا ما نقص من حب أحدهما لصاحبه، وما أضعف من تقدير ومودة أي منهما للآخر، فهذا ابن مسعود يأتيه اثنان: أحدهما قرأ على عمر وآخر قرأ على صحابي آخر، فيقول الذي قرأ على عمر: اقرأنيها عمر بن الخطاب، فيجهش ابن مسعود بالبكاء حتى يبل الحصى بدموعه، ويقول: اقرأ كما أقرأك عمر فإنه كان للإسلام حصنا حصينا، يدخل الناس فيه ولا يخرجون منه، فلما أصيب عمر انثلم الحصن [46] .
ويقبل ابن مسعود يوما وعمر جالس فلما رآه مقبلا قال: «كنيّف ملىء فقها أو علما» وفي رواية: «كنيّف ملىء علما آثرت به أهل القادسية» [47] . هكذا كانت نظرة عمر لابن مسعود رضي الله عنهما، لم يزده الاختلاف بينهما في تلكم المسائل إلاّ محبة وتقديرا له، ولنا أن نستنبط من تلك الأحداث آدابا تكون نبراسا في معالجة القضايا الخلافية. [45] راجع إعلام الموقعين (2/218) . [46] انظر الإحكام (6/61) . [47] طبقات ابن سعد (4/161) وحياة الصحابة (3/791) .