حاضرة الدولة وقاعدة الخلافة، وهم حملة رسالة الإسلام ورعيله الأول فيجب أن يكونوا قريبين من الخليفة، أعوانا له على أعبائه، مشاركين إياه في شؤون الأمة كلها.
فلما ولي عثمان رضي الله عنه لم ير باسا في أن يسمح لكل من اراد من الصحابة مغادرة المدينة أو يستوطن حيث يشاء من ديار الإسلام، فتفرق فقهاء الصحابة وقراؤهم في الأمصار التي فتحت، والبلدان التي مصرت، فاستوطن المصرين (البصرة والكوفة) ما يزيد عن ثلاثمائة من الصحابة، واقام في مصر والشام عدد منهم.
ولقد نقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن رجع من حنين ترك في المدينة اثني عشر الفا من الصحابة، بقي منهم فيها حتى وفاته عشرة آلاف، وتفرق ألفان منهم في الأمصار [58] .
وقد حمل علم وفقه الفقهاء والقراء من الصحابة بعدهم من تلقى عنهم من التابعين، أمثال: سعيد بن المسيب [59] الذي يعتبر راوية عمر وحامل فقهه في المدينة، وعطاء بن أبي رباح في مكة، وطاووس في اليمن، ويحيى بن أبي كثير في اليمامة، والحسن في البصرة، ومكحول في الشام، وعطاء في خراسان، وعلقمة في الكوفة وغيرهم ... وهؤلاء كانوا كثيرا ما يمارسون الفتوى والاجتهاد بمشهد [58] الفكر السامي (11/311) . [59] هو سيد التابعين وعالمهم، ولد سنة (15 هـ) وتوفي سنة (94 هـ) له ترجمة في مظان كثيرة منها: الطبقات الكبرى لابن سعد (5/119 123) وخلاصة تذهيب الكمال (121) وتهذيب التهذيب (4/84) وتقريب التهذيب (1/305) والبداية (9/99) كما أفردت ترجمته ومناقبه بمؤلفات خاصة قديمة وحديثة.