في الكوفة: «إنها دار الضرب» [69] وقال الزهري: «يخرج الحديث من عندنا شبرا فيعود في العراق ذراعا» [70] .
وهذه الأمور جعلت الفقهاء العراقيين أنفسهم يتخذون من الاحتياطات ويضعون من الشروط لقبول السنن والأخبار ما لم يكن من سبقهم يلتفت اليه، وذلك حرصا منهم على ألاّ يدخل إلى فقههم من فكر أهل الأهواء والبدع والفرق المتصارعة ما يفسد عليهم دينهم، فما بالك بغير العراقيين الذين بلغ بهم الخوف من الأخذ عن العراقيين مداه، حتى كان أهل الحجاز يرون أن حديث العراقيين أو الشاميين لا يقبل إذا لم يكن له أصل عند الحجازيين [71] .
وقيل لأحد علماء الحجاز: حديث سفيان الثوري عن منصور المعتمر، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة النخعي، عن عبد الله بن مسعود ... أي: ما رأيك في إسناد هذه سلسلته، وهو أصح إسناد لدى العراقيين؟ قال: إن لم يكن له اصلا في الحجاز فلا [72] .
واتخذ العباس من ربيعة بن أبي عبد الرحمن [73] وزيرا ومستشارا وهو [69] الفكر السامي (1/313) . [70] الانتقاء. [71] الفكر السامي (1/312) . [72] الفكر السامي (1/312) . [73] ربيعة بن أبي عبد الرحمن: هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن التيمي المدني، ويقال له فروخ، يكنى بأبي عثمان، ويلقب بربيعة الرأي، إمام مجتهد، وهو من ابرز شيوخ الإمام مالك. توفي بالهاشمية من الأنبار بالعراق سنة (136 هـ) وقيل (133 142 هـ) له ترجمة في التهذيب (3/258) وتاريخ بغداد (8/420) والحلية (2/259) وصفة الصفوة (2/148) والشذرات (1/194) .