responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 142
وَالْمَوَدَّةُ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْخَلَّابَةِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ. وَالْحَيَاءُ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْقِحَةِ وَالْحِقْدِ. وَالْوَقَارُ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْهُزْءِ وَالسَّخَافَةِ.
وَإِذَا كَانَ مَا خَرَجَ عَنْ الِاعْتِدَالِ إلَى مَا لَيْسَ بِاعْتِدَالٍ خُرُوجًا عَنْ الْعَدْلِ إلَى مَا لَيْسَ بِعَدْلٍ، فَالْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ وَالْوُقُوفُ مَعَ الْأَوْسَطِ اقْتِدَاءً بِالْحَدِيثِ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: الْبَلَدُ السُّوءُ يَجْمَعُ السَّفَلَ وَيُورِثُ الْعِلَلَ، وَالْوَلَدُ السُّوءُ يَشِينُ السَّلَفَ وَيَهْدِمُ الشَّرَفَ، وَالْجَارُ السُّوءُ يُفْشِي السِّرَّ وَيَهْتِكُ السِّتْرَ. فَجَعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، بِخُرُوجِهَا عَنْ الْأَوْلَى إلَى مَا لَيْسَ بِأَوْلَى، خُرُوجًا عَنْ الْعَدْلِ إلَى مَا لَيْسَ بِعَدْلٍ. وَلَسْت تَجِدُ فَسَادًا إلَّا وَسَبَبُ نَتِيجَتِهِ الْخُرُوجُ فِيهِ مِنْ حَالِ الْعَدْلِ إلَى مَا لَيْسَ بِعَدْلٍ مِنْ حَالَتَيْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فَإِذَنْ لَا شَيْءَ أَنْفَعُ مِنْ الْعَدْلِ كَمَا لَا شَيْءَ أَضَرُّ مِمَّا لَيْسَ بِعَدْلٍ.

وَأَمَّا الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ: فَهِيَ أَمْنٌ عَامٌّ تَطْمَئِنَّ إلَيْهِ النُّفُوسُ وَتَنْتَشِرُ فِيهِ الْهِمَمُ، وَيَسْكُنُ إلَيْهِ الْبَرِيءُ، وَيَأْنِسُ بِهِ الضَّعِيفُ. فَلَيْسَ لِخَائِفٍ رَاحَةٌ، وَلَا لِحَاذِرٍ طُمَأْنِينَةٌ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ، الْأَمْنُ أَهْنَأُ عَيْشٍ، وَالْعَدْلُ أَقْوَى جَيْشٍ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ يَقْبِضُ النَّاسَ عَنْ مَصَالِحِهِمْ، وَيَحْجِزُهُمْ عَنْ تَصَرُّفِهِمْ، وَيَكُفُّهُمْ عَنْ أَسْبَابِ الْمَوَادِّ الَّتِي بِهَا قِوَامُ أَوَدِهِمْ وَانْتِظَامُ جُمْلَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَمْنَ مِنْ نَتَائِجِ الْعَدْلِ، وَالْجَوْرَ مِنْ نَتَائِجِ مَا لَيْسَ بِعَدْلٍ.
وَقَدْ يَكُونُ الْجَوْرُ تَارَةً بِمَقَاصِدِ الْآدَمِيِّينَ الْخَارِجَةِ عَنْ الْعَدْلِ، وَتَارَةً يَكُونُ بِأَسْبَابٍ حَادِثَةٍ مِنْ غَيْرِ مَقَاصِدِ الْآدَمِيِّينَ فَلَا تَكُونُ خَارِجَةً عَنْ حَالِ الْعَدْلِ. فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَا سَبَقَ مِنْ حَالِ الْعَدْلِ مُقْنِعًا عَنْ أَنْ يَكُونَ الْأَمْنُ فِي انْتِظَامِ الدُّنْيَا قَاعِدَةً كَالْعِدْلِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْأَمْنُ الْمُطْلَقُ مَا عَمَّ وَالْخَوْفُ قَدْ يَتَنَوَّعُ تَارَةً وَيَعُمُّ. فَتَنَوُّعُهُ بِأَنْ يَكُونَ تَارَةً عَلَى النَّفْسِ، وَتَارَةً عَلَى الْأَهْلِ، وَتَارَةً عَلَى الْمَالِ.
وَعُمُومُهُ أَنْ يَسْتَوْجِبَ جَمِيعَ الْأَحْوَالِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَنْوَاعِهِ حَظٌّ مِنْ الْوَهَنِ، وَنَصِيبٌ مِنْ الْحَزَنِ. وَقَدْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهِ وَيَتَفَاضَلُ بِتَبَايُنِ جِهَاتِهِ، وَيَكُونُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الرَّغْبَةِ فِيمَا خِيفَ عَلَيْهِ. فَمِنْ أَجَلِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَّصِفَ حَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَنْوَاعِهِ بِمِقْدَارٍ مِنْ الْوَهَنِ وَنَصِيبٍ مِنْ الْحَزَنِ، لَا سِيَّمَا وَالْخَائِفُ عَلَى الشَّيْءِ مُخْتَصُّ الْهَمِّ بِهِ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست