responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 144
وَبِحَسَبِ الْغِنَى يَكُونُ إقْلَالُ الْبَخِيلِ وَإِعْطَاؤُهُ، وَإِكْثَارُ الْجَوَادِ وَسَخَاؤُهُ، كَمَا قَالَ دِعْبِلٌ:
لَئِنْ كُنْت لَا تُولِي نَدًى دُونَ إمْرَةٍ ... فَلَسْت بِمُولٍ نَائِلًا آخِرَ الدَّهْرِ
وَأَيُّ إنَاءٍ لَمْ يَفِضْ عِنْدَ مِلْئِهِ ... وَأَيُّ بِخَيْلٍ لَمْ يَنَلْ سَاعَةَ الْوَفْرِ
وَإِذَا كَانَ الْخِصْبُ يُحْدِثُ مِنْ أَسْبَابِ الصَّلَاحِ مَا وَصَفْتُ، كَانَ الْجَدْبُ يَحْدُثُ مِنْ أَسْبَابِ الْفَسَادِ مَا ضَادَّهَا. وَكَمَا أَنَّ صَلَاحَ الْخِصْبِ عَامٌّ، فَكَذَلِكَ فَسَادُ الْجَدْبِ عَامٌّ، وَمَا عَمَّ بِهِ الصَّلَاحُ إنْ وُجِدَ، وَمَا عَمَّ بِهِ الْفَسَادُ إنْ فُقِدَ، فَأَحْرَى أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوَاعِدِ الصَّلَاحِ وَدَوَاعِي الِاسْتِقَامَةِ. وَالْخِصْبُ يَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ: خِصْبٌ فِي الْمَكَاسِبِ، وَخِصْبٌ فِي الْمَوَادِّ. فَأَمَّا خِصْبُ الْمَكَاسِبِ فَقَدْ يَتَفَرَّعُ مِنْ خِصْبِ الْمَوَادِّ وَهُوَ مِنْ نَتَائِجِ الْأَمْنِ الْمُقْتَرِنِ بِهَا. وَأَمَّا خِصْبُ الْمَوَادِّ فَقَدْ يَتَفَرَّعُ عَنْ أَسْبَابٍ إلَهِيَّةٍ وَهُوَ مِنْ نَتَائِجِ الْعَدْلِ الْمُقْتَرِنِ بِهَا.

وَأَمَّا الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ: فَهِيَ أَمَلٌ فَسِيحٌ يَبْعَثُ عَلَى اقْتِنَاءِ مَا يَقْصُرُ الْعُمُرُ عَنْ اسْتِيعَابِهِ وَيَبْعَثُ عَلَى اقْتِنَاءِ مَا لَيْسَ يُؤَمَّلُ فِي دَرَكِهِ بِحَيَاةِ أَرْبَابِهِ. وَلَوْلَا أَنَّ الثَّانِيَ يَرْتَفِقُ بِمَا أَنْشَأَهُ الْأَوَّلُ حَتَّى يَصِيرَ بِهِ مُسْتَغْنِيًا، لَافْتَقَرَ أَهْلُ كُلِّ عَصْرٍ إلَى إنْشَاءِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ مَنَازِلِ السُّكْنَى وَأَرَاضِي الْحَرْثِ، وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْإِعْوَازِ وَتَعَذُّرِ الْإِمْكَانِ مَا لَا خَفَاءَ بِهِ.
فَلِذَلِكَ مَا أَرْفَقَ اللَّهَ تَعَالَى خَلْقَهُ بِاتِّسَاعِ الْآمَالِ إلَّا حَتَّى عَمَّرَ بِهِ الدُّنْيَا فَعَمَّ صَلَاحُهَا وَصَارَتْ تَنْتَقِلُ بِعُمْرَانِهَا إلَى قَرْنٍ بَعْدَ قَرْنٍ، فَيُتِمُّ الثَّانِيَ مَا أَبْقَاهُ الْأَوَّلُ مِنْ عِمَارَتِهَا، وَيُرَمِّمُ الثَّالِثُ مَا أَحْدَثَهُ الثَّانِي مِنْ شَعَثِهَا لِتَكُونَ أَحْوَالُهَا عَلَى الْأَعْصَارِ مُلْتَئِمَةً، وَأُمُورُهَا عَلَى مَمَرِّ الدُّهُورِ مُنْتَظِمَةً.
وَلَوْ قَصُرْت الْآمَالُ مَا تَجَاوَزَ الْوَاحِدُ حَاجَةَ يَوْمِهِ، وَلَا تَعَدَّى ضَرُورَةَ وَقْتِهِ، وَلَكَانَتْ تَنْتَقِلُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ خَرَابًا لَا يَجِدُ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست