responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 250
وَلَقَدْ أَصْرِفُ الْفُؤَادَ عَنْ الشَّيْءِ ... حَيَاءً وَحُبُّهُ فِي السَّوَادِ
أُمْسِكُ النَّفْسَ بِالْعَفَافِ وَأُمْسِي ... ذَاكِرًا فِي غَدٍ حَدِيثَ الْأَعَادِي
وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْحَيَاءِ قَدْ يَكُونُ مِنْ كَمَالِ الْمُرُوءَةِ وَحُبِّ الثَّنَاءِ.
وَلِذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَلَا غِيبَةَ لَهُ» . يَعْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِقِلَّةِ مُرُوءَتِهِ، وَظُهُورِ شَهْوَتِهِ.
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ مُرُوءَةَ الرَّجُلِ مَمْشَاهُ وَمَدْخَلُهُ وَمَخْرَجُهُ وَمَجْلِسُهُ وَإِلْفُهُ وَجَلِيسُهُ» . وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
وَرُبَّ قَبِيحَةٍ مَا حَالَ بَيْنِي ... وَبَيْنَ رُكُوبِهَا إلَّا الْحَيَاءُ
إذَا رُزِقَ الْفَتَى وَجْهًا وَقَاحًا ... تَقَلَّبَ فِي الْأُمُورِ كَمَا يَشَاءُ
وَقَالَ آخَرُ:
إذَا لَمْ تَصُنْ عِرْضًا وَلَمْ تَخْشَ خَالِقًا ... وَتَسْتَحِي مَخْلُوقًا فَمَا شِئْت فَاصْنَعْ
وَأَمَّا حَيَاؤُهُ مِنْ نَفْسِهِ فَيَكُونُ بِالْعِفَّةِ وَصِيَانَةِ الْخَلَوَاتِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لِيَكُنْ اسْتِحْيَاؤُك مِنْ نَفْسِك أَكْثَرَ مِنْ اسْتِحْيَائِك مِنْ غَيْرِك. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: مَنْ عَمِلَ فِي السِّرِّ عَمَلًا يَسْتَحِي مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَلَيْسَ لِنَفْسِهِ عِنْدَهُ قَدْرٌ. وَدَعَا قَوْمٌ رَجُلًا كَانَ يَأْلَفُ عِشْرَتَهُمْ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ، وَقَالَ: إنِّي دَخَلْت الْبَارِحَةَ فِي الْأَرْبَعِينَ وَأَنَا أَسْتَحِي مِنْ سِنِي. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
فَسِرِّي كَإِعْلَانِي وَتِلْكَ خَلِيقَتِي ... وَظُلْمَةُ لَيْلِي مِثْلُ ضَوْءِ نَهَارِي
وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْحَيَاءِ قَدْ يَكُونُ مِنْ فَضِيلَةِ النَّفْسِ وَحُسْنِ السَّرِيرَةِ.
فَمَتَى كَمُلَ حَيَاءُ الْإِنْسَانِ مِنْ وُجُوهِهِ الثَّلَاثَةِ، فَقَدْ كَمُلَتْ فِيهِ أَسْبَابُ الْخَيْرِ، وَانْتَفَتْ عَنْهُ أَسْبَابُ الشَّرِّ، وَصَارَ بِالْفَضْلِ مَشْهُورًا، وَبِالْجَمِيلِ مَذْكُورًا.
وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
وَإِنِّي لِيُثْنِيَنِي عَنْ الْجَهْلِ وَالْخَنَى ... وَعَنْ شَتْمِ ذِي الْقُرْبَى خَلَائِقُ أَرْبَعُ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 250
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست