responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 282
يَكُونَ مَعْنَى كَلَامُهُ أَسْبَقَ إلَى فَهْمِك مِنْ لَفْظِهِ إلَى سَمْعِك. وَأَمَّا مُعَاطَاةُ الْإِعْرَابِ وَتَجَنُّبُ اللَّحَنِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ صِفَاتِ الصَّوَابِ وَالْبَلَاغَةُ أَعْلَى مِنْهُ رُتْبَةً، وَأَشْرَفُ مَنْزِلَةً. وَلَيْسَ لِمَنْ لَحَنَ فِي كَلَامِهِ مُدْخَلٌ فِي الْأُدَبَاءِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ فِي عِدَادِ الْبُلَغَاءُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْكَلَامِ آدَابًا إنْ أَغْفَلَهَا الْمُتَكَلِّمُ أَذْهَبَ رَوْنَقَ كَلَامِهِ، وَطَمَسَ بَهْجَةَ بَيَانِهِ، وَلَهَا النَّاسَ عَنْ مَحَاسِنِ فَضْلِهِ بِمُسَاوِي أَدَبِهِ، فَعَدَلُوا عَنْ مَنَاقِبِهِ بِذِكْرِ مَثَالِبِهِ. فَمِنْ آدَابِهِ: أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ فِي مَدْحٍ وَلَا يُسْرِفَ فِي ذَمٍّ وَإِنْ كَانَتْ النَّزَاهَةُ عَنْ الذَّمِّ كَرَمًا وَالتَّجَاوُزُ فِي الْمَدْحِ مَلَقًا يَصْدُرُ عَنْ مَهَانَةٍ. وَالسَّرَفُ فِي الذَّمِّ انْتِقَامٌ يَصْدُرُ عَنْ شَرٍّ، وَكِلَاهُمَا شَيْنٌ وَإِنْ سَلِمَ مِنْ الْكَذِبِ.
يُرْوَى أَنَّهُ «لَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفْدُ تَمِيمٍ سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ الْأَهْتَمِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ فَمَدَحَهُ، فَقَالَ قَيْسٌ: وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَنِّي خَيْرٌ مِمَّا وَصَفَ وَلَكِنْ حَسَدَنِي، فَذَمَّهُ عَمْرٌو وَقَالَ: وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ صَدَقْت فِي الْأُولَى وَمَا كَذَبْت فِي الْأُخْرَى؛ لِأَنِّي رَضِيتُ فِي الْأُولَى فَقُلْت أَحْسَنَ مَا عَلِمْت وَسَخِطْت فِي الْأُخْرَى فَقُلْت أَقْبَحَ مَا عَلِمْت. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» .
عَلَى أَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ الْكَذِبِ فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ مُتَعَذِّرَةٌ لَا سِيَّمَا إذَا مَدَحَ تَقَرُّبًا وَذَمَّ تَحَنُّقًا. وَحُكِيَ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ قَالَ: سَهِرْت لَيْلَتِي أُفَكِّرُ فِي كَلِمَةٍ أُرْضِي بِهَا سُلْطَانِي وَلَا أُسْخِطُ بِهَا رَبِّي فَمَا وَجَدْتهَا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ الرَّجُلَ لَيَدْخُلُ عَلَى السُّلْطَانِ وَمَعَهُ دِينُهُ فَيَخْرُجُ وَمَا مَعَهُ دِينُهُ. قِيلَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ يُرْضِيهِ بِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. وَسَمِعَ ابْنُ الرُّومِيِّ رَجُلًا يَصِفُ رَجُلًا وَيُبَالِغُ فِي مَدْحِهِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
إذَا مَا وَصَفْتَ امْرَأً لِامْرِئٍ ... فَلَا تَغْلُ فِي وَصْفِهِ وَاقْصِدْ
فَإِنَّك إنْ تَغْلُ تَغْلُ الظُّنُونُ ... فِيهِ إلَى الْأَمَدِ الْأَبْعَدِ
فَيَضْأَلُ مِنْ حَيْثُ عَظَّمْتَهُ ... لِفَضْلِ الْمَغِيبِ عَلَى الْمَشْهَدِ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست