responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 292
وَالْآخِرَةُ أَبَدٌ. وَقَالَ أَنُوشِرْوَانَ: إنْ أَحْبَبْت أَنْ لَا تَغْتَمَّ فَلَا تَقْتَنِ مَا بِهِ تَهْتَمُّ.
فَأَخَذَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الدَّهْرَ مِنْ سُوءِ فِعْلِهِ ... يُكَدِّرُ مَا أَعْطَى وَيَسْلُبُ مَا أَسْدَى
فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ لَا يَرَى مَا يَسُوءُهُ ... فَلَا يَتَّخِذْ شَيْئًا يَخَافُ لَهُ فَقْدَا
وَأَنْشَدَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
لِحَكِيمِنَا بُقْرَاطَ خَيْرُ قَضِيَّةٍ ... وَوَصِيَّةٍ تَنْفِي الْهُمُومَ الرُّكَّدَا
قَالَ الْهُمُومُ تَكُونُ مِنْ طَبْعِ الْوَرَى ... فِي لُبْثِ مَا فِي طَبْعِهِ أَنْ يَنْفَدَا
فَإِذَا اقْتَنَيْتَ مِنْ الزُّجَاجَةِ قَابِلًا ... لِلْكَسْرِ فَانْكَسَرَتْ فَلَا تَكُ مُكْمَدَا
وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِسَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ:
إنَّمَا الدُّنْيَا هِبَاتٌ ... وَعَوَارٍ مُسْتَرَدَّهْ
شِدَّةٌ بَعْدَ رَخَاءٍ ... وَرَخَاءٌ بَعْدَ شِدَّهْ
وَلَمَّا قُتِلَ بَزَرْجَمْهَرُ وُجِدَ فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ رُقْعَةٌ فِيهَا مَكْتُوبٌ: إذَا لَمْ يَكُنْ جَدٌّ فَفِيمَ الْكَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَمْرِ دَوَامٌ فَفِيمَ السُّرُورُ، وَإِذَا لَمْ يُرِدْ اللَّهُ دَوَامَ مُلْكٌ فَفِيمَ الْحِيلَةُ. وَقَالَ ابْنُ الرُّومِيِّ:
رَأَيْتُ حَيَاةَ الْمَرْءِ رَهْنًا بِمَوْتِهِ ... وَصِحَّتُهُ رَهْنًا كَذَلِكَ بِالسَّقَمِ
إذَا طَابَ لِي عَيْشٌ تَنَغَّصَ طِيبُهُ ... بِصِدْقِ يَقِينِي أَنْ سَيَذْهَبُ كَالْحُلْمِ
وَمَنْ كَانَ فِي عَيْشٍ يُرَاعِي زَوَالَهُ ... فَذَلِكَ فِي بُؤْسٍ وَإِنْ كَانَ فِي نِعَمِ
وَمِنْهَا: أَنْ يَتَصَوَّرَ انْجِلَاءَ الشَّدَائِدِ وَانْكِشَافَ الْهُمُومِ، وَأَنَّهَا تُقَدَّرُ بِأَوْقَاتٍ لَا تَنْصَرِمُ قَبْلَهَا، وَلَا تَسْتَدِيمُ بَعْدَهَا، فَلَا تَقْصُرُ بِجَزَعٍ وَلَا تَطُولُ بِصَبْرٍ، وَأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ يَمُرُّ بِهَا يَذْهَبُ مِنْهَا بِشَطْرٍ وَيَأْخُذُ مِنْهَا بِنَصِيبٍ، حَتَّى تَنْجَلِيَ وَهُوَ عَنْهَا غَافِلٌ.
وَحُكِيَ أَنَّ الرَّشِيدَ حَبَسَ رَجُلًا ثُمَّ سَأَلَ عَنْهُ بَعْدَ زَمَانٍ، فَقَالَ لِلْمُتَوَكِّلِ بِهِ: قُلْ لَهُ كُلُّ يَوْمٍ يَمْضِي مِنْ نِعَمِهِ يَمْضِي مِنْ بُؤْسِي مِثْلُهُ، وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ وَالْحُكْمُ لِلَّهِ تَعَالَى. فَأَخَذَ هَذَا الْمَعْنَى بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ:

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 292
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست