responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 324
وَتَصْعِيبًا. وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ لِأَحَدِ شَيْئَيْنِ: إمَّا انْتِقَامٌ يَصْدُرُ عَنْ سَفَهٍ أَوْ بَذَاءٌ يَحْدُثُ عَنْ لُؤْمٍ. وَقَدْ رَوَى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ» . وَقَالَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ: الِاسْتِطَالَةُ لِسَانُ الْجُهَّالِ. وَكَفُّ النَّفْسِ عَنْ هَذِهِ الْحَالِ بِمَا يَصُدُّهَا مِنْ الزَّوَاجِرِ أَسْلَمُ وَهُوَ بِذَوِي الْمُرُوءَةِ أَجْمَلُ.
فَهَذَا شَرْطٌ وَأَمَّا الْعِفَّةُ عَنْ الْمَآثِمِ فَنَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: الْكَفُّ عَنْ الْمُجَاهَرَةِ بِالظُّلْمِ، وَالثَّانِي: زَجْرُ النَّفْسِ عَنْ الْإِسْرَارِ بِخِيَانَةٍ. فَأَمَّا الْمُجَاهَرَةُ بِالظُّلْمِ فَعُتُوٌّ مُهْلِكٌ وَطُغْيَانٌ مُتْلِفٌ، وَهُوَ يَئُولُ إنْ اسْتَمَرَّ إلَى فِتْنَةٍ أَوْ جَلَاءٍ.
فَأَمَّا الْفِتْنَةُ فِي الْأَغْلَبِ فَتُحِيطُ بِصَاحِبِهَا، وَتَنْعَكِسُ عَنْ الْبَادِئِ بِهَا، فَلَا تَنْكَشِفُ إلَّا وَهُوَ بِهَا مَصْرُوعٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئِ إلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43] .
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْفِتْنَةُ نَائِمَةٌ فَمَنْ أَيْقَظَهَا صَارَ طَعَامًا لَهَا» . وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: الْفِتْنَةُ حَصَادٌ لِلظَّالِمَيْنِ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: صَاحِبُ الْفِتْنَةِ أَقْرَبُ شَيْءٍ أَجَلًا وَأَسْوَأُ شَيْءٍ عَمَلًا. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
وَكُنْتَ كَعَنْزِ السُّوءِ قَامَتْ لِحَتْفِهَا ... إلَى مُدْيَةٍ تَحْتَ الثَّرَى تَسْتَثِيرُهَا
وَأَمَّا الْجَلَاءُ فَقَدْ يَكُونُ مِنْ قُوَّةِ الظَّالِمِ وَتَطَاوُلِ مُدَّتِهِ فَيَصِيرُ ظُلْمُهُ مَعَ الْمُكْنَةِ جَلَاءً وَفَنَاءٍ، كَالنَّارِ إذَا وَقَعَتْ فِي يَابِسِ الشَّجَرِ فَلَا تُبْقِي مَعَهَا مَعَ تَمَكُّنِهَا شَيْئًا حَتَّى إذَا أَفْنَتْ مَا وَجَدَتْ اضْمَحَلَّتْ وَخَمَدَتْ.
فَكَذَا حَالُ الظَّالِمِ مُهْلِكٌ ثُمَّ هَالِكٌ. وَالْبَاعِثُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئَانِ: الْجَرَاءَةُ وَالْقَسْوَةُ. وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «اُطْلُبُوا الْفَضْلَ وَالْمَعْرُوفَ عِنْدَ الرُّحَمَاءِ مِنْ أُمَّتِي تَعِيشُوا فِي أَكْنَافِهِمْ» . وَالصَّادُّ عَنْ ذَلِكَ أَنْ يَرَى آثَارَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الظَّالِمِينَ فَإِنَّ لَهُ فِيهِمْ عِبَرًا، وَيَتَصَوَّرَ عَوَاقِبَ ظُلْمِهِمْ فَإِنَّ فِيهَا مُزْدَجَرًا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَصْبَحَ وَلَمْ يَنْوِ ظُلْمَ أَحَدٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا اجْتَرَمَ» .
وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 324
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست