responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 327
الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمْ إبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُدْرَكُ مَا عِنْدَهُ إلَّا بِطَاعَتِهِ» . فَهَذَا شَرْطٌ.
وَأَمَّا مَوَاقِفُ الرِّيبَةِ فَهِيَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ مَنْزِلَتَيْ حَمْدٍ وَذَمٍّ، وَالْوُقُوفُ بَيْنَ حَالَتَيْ سَلَامَةٍ وَسَقَمٍ، فَتَتَوَجَّهُ إلَيْهِ لَائِمَةُ الْمُتَوَهِّمِينَ، وَيَنَالُهُ ذِلَّةُ الْمُرِيبِينَ، وَكَفَى بِصَاحِبِهَا مَوْقِفًا إنْ صَحَّ افْتَضَحَ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ اُمْتُهِنَ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» . وَسُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ الْمُرُوءَةِ فَقَالَ: أَنْ لَا تَعْمَلَ فِي السِّرِّ عَمَلًا تَسْتَحِي مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ. وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ: مَا وَجَدْت شَيْئًا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ الْوَرَعِ. قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: إذَا ارْتَبْتَ بِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ.
وَالدَّاعِي إلَى هَذِهِ الْحَالِ شَيْئَانِ: الِاسْتِرْسَالُ، وَحُسْنُ الظَّنِّ. وَالْمَانِعُ مِنْهُمَا شَيْئَانِ: الْحَيَاءُ، وَالْحَذَرُ. وَرُبَّمَا انْتَفَتْ الرِّيبَةُ بِحُسْنِ الثِّقَةِ وَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ بِطُولِ الْخِبْرَةِ.
وَقَدْ حُكِيَ عَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ رَآهُ بَعْضُ الْحَوَارِيِّينَ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِ امْرَأَةٍ ذَاتِ فُجُورٍ فَقَالَ: يَا رُوحَ اللَّهِ مَا تَصْنَعُ هُنَا؟ فَقَالَ: الطَّبِيبُ إنَّمَا يُدَاوِي الْمَرْضَى. وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ طَرِيقًا إلَى الِاسْتِرْسَالِ وَلْيَكُنْ الْحَذَرُ عَلَيْهِ أَغْلَبَ، وَإِلَى الْخَوْفِ مِنْ تَصْدِيقِ التُّهَمِ أَقْرَبَ، فَمَا كُلُّ رِيبَةٍ يَنْفِيهَا حُسْنُ الثِّقَةِ. هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَبْعَدُ خَلْقِ اللَّهِ مِنْ الرِّيَبِ وَأَصْوَنُهُمْ مِنْ التُّهَمِ، «وَقَفَ مَعَ زَوْجَتِهِ صَفِيَّةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ عَلَى بَابِ مَسْجِدٍ يُحَادِثُهَا وَكَانَ مُعْتَكِفًا فَمَرَّ بِهِ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا رَأَيَاهُ أَسْرَعَا فَقَالَ لَهُمَا: عَلَى رِسْلِكُمَا إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ. فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ أَوَفِيكَ شَكٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَهْ إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ أَحَدِكُمْ مَجْرَى لَحْمِهِ وَدَمِهِ فَخَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قَلْبَيْكُمَا سُوءًا» . فَكَيْفَ مَنْ تَخَالَجَتْ فِيهِ الشُّكُوكُ وَتَقَابَلَتْ فِيهِ الظُّنُونُ فَهَلْ يَعْرَى مَنْ فِي مَوَاقِفِ الرِّيَبِ مِنْ قَادِحٍ مُحَقَّقٍ، وَلَائِمٍ مُصَدَّقٍ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا لَمْ يَشْقَ الْمَرْءُ إلَّا بِمَا عَمِلَ فَقَدْ سَعِدَ» . وَإِذَا اسْتَعْمَلَ الْحَزْمَ وَغَلَّبَ الْحَذَرَ وَتَرَكَ مَوَاقِفَ الرِّيَبِ وَمَظَانَّ التُّهَمِ، وَلَمْ يَقِفْ مَوْقِفَ الِاعْتِذَارِ وَلَا عُذْرَ لِمُخْتَارٍ لَمْ يَخْتَلِجْ فِي نَزَاهَتِهِ شَكٌّ وَلَمْ يَقْدَحْ فِي

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 327
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست