responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 332
مَعَ مَا أَعْلَى اللَّهُ مِنْ قَدْرِهِ وَفَضَّلَهُ عَلَى خَلْقِهِ، قَدْ اقْتَرَضَ ثُمَّ قَضَى فَأَحْسَنَ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعْيَاهُ رِزْقُ اللَّهِ تَعَالَى حَلَالًا فَلْيَسْتَدِنْ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ» . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمُسْتَدِينُ تَاجِرُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ» . وَقَالَ الْبُحْتُرِيُّ:
إنْ لَمْ يَكُنْ كُثْرٌ فَقُلْ عَطِيَّةٌ ... يَبْلُغْ بِهَا بَاغِي الرِّضَا بَعْضَ الرِّضَا
أَوْ لَمْ يَكُنْ هِبَةٌ فَقَرْضٌ يُسِّرَتْ ... أَسْبَابُهُ وَكَوَاهِبٍ مَنْ أَقْرَضَا
وَلَئِنْ كَانَ الدَّيْنُ رِقًّا فَهُوَ أَسْهَلُ مِنْ رِقِّ الْإِفْضَالِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَرَادَ الْبَقَاءَ وَلَا بَقَاءَ فَلْيُبَاكِرْ الْغَدَاءَ وَلْيُخَفِّفْ الرِّدَاءَ. قِيلَ: وَمَا فِي خِفَّةِ الرِّدَاءِ مِنْ الْبَقَاءِ؟ قَالَ: قِلَّةُ الدَّيْنِ. فَإِنْ أَعْوَزَهُ ذَلِكَ إلَّا اسْتِسْمَاحًا فَهُوَ الرِّقُّ الْمُذِلُّ. وَلِذَلِكَ قِيلَ: لَا مُرُوءَةَ لِمُقِلٍّ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ قَبِلَ صِلَتَك فَقَدْ بَاعَك مُرُوءَتَهُ وَأَذَلَّ لِقَدْرِك عِزَّهُ وَجَلَالَتَهُ. وَاَلَّذِي يَتَمَاسَكُ بِهِ الْبَاقِي مِنْ مُرُوءَةِ الرَّاغِبِينَ، وَالْيَسِيرِ التَّافِهِ مِنْ صِيَانَةِ السَّائِلِينَ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِذِي رَغْبَةٍ مُرُوءَةٌ وَلَا لِسَائِلٍ تَصَوُّنٌ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ هِيَ جَهْدُ الْمُضْطَرِّ: أَحَدُهَا: أَنْ يَتَجَافَى ضَرَعَ السَّائِلِينَ، وَأُبَّهَةَ الْمُسْتَقِلِّينَ. فَيَذِلَّ بِالضَّرَعِ وَيُحْرَمَ بِالْأُبَّهَةِ، وَلْيَكُنْ مِنْ التَّجَمُّلِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ حَالُ مِثْلِهِ مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ. وَقَدْ قِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: مَنْ يُفْحِشُ زَوَالَ النِّعَمِ؟ قَالَ: إذَا زَالَ مَعَهَا التَّجَمُّلُ. وَأَنْشَدَ بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَبِ لِعَلِيِّ بْنِ الْجَهْمِ:
هِيَ النَّفْسُ مَا حَمَّلْتهَا تَتَحَمَّلُ ... وَلِلدَّهْرِ أَيَّامٌ تَجُورُ وَتَعْدِلُ
وَعَاقِبَةُ الصَّبْرِ الْجَمِيلِ جَمِيلَةٌ ... وَأَحْسَنُ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ التَّفَضُّلُ
وَلَا عَارَ إنْ زَالَتْ عَنْ الْحُرِّ نِعْمَةٌ ... وَلَكِنَّ عَارًا أَنْ يَزُولَ التَّجَمُّلُ
وَالثَّانِي: أَنْ يَقْتَصِرَ فِي السُّؤَالِ عَلَى مَا دَعَتْهُ إلَيْهِ الضَّرُورَةُ، وَقَادَتْهُ إلَيْهِ الْحَاجَةُ، وَلَا يَجْعَلَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى الِاغْتِنَامِ فَيَحْرُمُ بِاغْتِنَامِهِ، وَلَا يُعْذَرُ فِي ضَرُورَتِهِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ أَلِفَ الْمَسْأَلَةَ أَلِفَهُ الْمَنْعُ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَعْذُرَ فِي الْمَنْعِ وَيَشْكُرَ عَلَى الْإِجَابَةِ فَإِنَّهُ إنْ مُنِعَ فَعَمَّا لَا

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 332
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست