responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التبصرة نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 29
السَّلامُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَبَكَى آدَمُ فَبَكَى جِبْرِيلُ لِبُكَائِهِ وَقَالَ: يَا آدَمُ مَا هَذَا الْبُكَاءُ؟ فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ وَكَيْفَ لا أَبْكِي وَقَدْ حَوَّلَنِي رَبِّي مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ وَمِنْ دَارِ النِّعْمَةِ إِلَى دَارِ الْبُؤْسِ. فَانْطَلَقَ جِبْرِيلُ بِمَقَالَتِهِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا جِبْرِيلُ انْطَلِقْ إِلَيْهِ وَقُلْ لَهُ: يَا آدَمُ يَقُولُ لَكَ رَبُّكَ: أَلَمْ أَخْلُقْكَ بِيَدِي؟ أَلَمْ أَنْفُخْ فِيكَ مِنْ رُوحِي؟ أَلَمْ أُسْجِدْ لَكَ مَلائِكَتِي؟ أَلَمْ أُسْكِنْكَ جَنَّتِي؟ أَلَمْ آمُرْكَ فَعَصَيْتَنِي؟ وَعِزَّتِي وَجَلالِي لَوْ أَنَّ مِلْءَ الأَرْضِ رِجَالا مِثْلَكَ ثُمَّ عَصَوْنِي لأَنْزَلْتُهُمْ مَنَازِلَ الْعَاصِينَ غَيْرَ أَنَّهُ يَا آدَمُ سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي، وَقَدْ سَمِعْتُ تَضَرُّعَكَ وَرَحِمْتُ بُكَاءَكَ وَأَقَلْتُ عَثْرَتَكَ.
طُوبَى لِمَنْ قَرَنَ ذنبه بالاعتذار، وتلافاه باستغفاره آنَاءَ اللَّيْلِ [وَأَطْرَافَ] النَّهَارِ، وَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لِمَنْ أَحْكَمَ عَقْدَ الإِصْرَارِ، أَيُّهَا الْعَاصِي تَفَكَّرْ فِي حَالِ أَبِيكَ، وَتَذَكَّرْ مَا جَرَى لَهُ وَيَكْفِيكَ، أُبْعِدَ بَعْدَ الْقُرْبِ مِنْ رَبِّهِ، وَأُهْبِطَ مِنَ الْجَنَّةِ لِشُؤْمِ ذَنْبِهِ، وَأَسَرَهُ الْعَدُوُّ بِخَدِيعَتِهِ فِي حَرْبِهِ [وَيَسْعَى فِي هَلاكِكَ فَاعْتَبِرْ بِهِ] فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً تَأَهَّبَ لِمُحَارَبَةِ عَدُوِّهِ فِي رَوَاحِهِ وَغُدُوِّهِ، فَإِنَّهُ مُرَاصِدُهُ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، ويحسن له بالمكر والتسويف الأمل، وَيُذَكِّرُهُ الْهَوَى وَيُنْسِيهِ الأَجَلَ، فَلْيَلْبَسْ أَحْصَنَ الْجُنَنِ، فَالرَّامِي يَطْلُبُ الْخَلَلَ.
(اصْبِرْ لِمُرِّ حَوَادِثِ الدَّهْرِ ... فلتحمدن مغبة الصبر)
(واجهد لنفسك قبل ميتها ... وَاذْخَرْ لِيَوْمِ تَفَاضُلِ الذُّخْرِ)
(فَكَأَنَّ أَهْلَكَ قَدْ دَعَوْكَ فَلَمْ ... تَسْمَعْ وَأَنْتَ مُحَشْرَجُ الصَّدْرِ)
(وَكَأَنَّهُمْ قَدْ قَلَّبُوكَ عَلَى ... ظَهْرِ السَّرِيرِ وَأَنْتَ لا تَدْرِي)
(وَكَأَنَّهُمْ قَدْ زَوَّدُوكَ بِمَا ... يَتَزَوَّدُ الْهَلْكَى من العطر)
(ياليت شِعْرِي كَيْفَ أَنْتَ إِذَا ... غُسِّلْتَ بِالْكَافُورِ وَالسِّدْرِ)
(أَوَلَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ أَنْتَ عَلَى ... نَبْشِ الضَّرِيحِ وظلمة القبر)
(ياليت شِعْرِي مَا أَقُولُ إِذَا ... وُضِعَ الْكِتَابُ صَبِيحَةَ الْحَشْرِ)
(مَا حُجَّتِي فِيمَا أَتَيْتُ عَلَى ... عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ وَمَا عُذْرِي)
(يَا سَوْأَتَا مِمَّا اكْتَسَبْتُ وَيَا ... أَسَفِي عَلَى مَا فَاتَ مِنْ عُمْرِي)

نام کتاب : التبصرة نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست