بين يديه قال: وكان خرج إلى بلاد الترك لتجارة - وهو حدث - إلى قوم يقال لهم: الخلوخية يعبدون الأصنام فدخل إلى بيت أصنامهم وعالمهم قد حلق رأسه ولحيته ولبس ثيابا حمرا أرجوانية فقال له شقيق: إن هذا الذي أنت فيه باطل ولهؤلاء ولك ولهذا الخلق خالق صانع ليس كمثله شيء له الدنيا والآخرة قادر على كل شيء رازق كل شيء.
فقال له الخادم: ليس يوافق قولك فعلك فقال له شقيق: كيف ذلك؟ قال: زعمت أن لك خالقا قادرا على كل شيء وقد تعنيت إلى هاهنا لطلب الرزق ولو كان كما تقول كان الذي يرزقك هاهنا يرزقك ثم فتربح العناء.
قال شقيق: فكان سبب زهدي كلام التركي فرجع فتصدق بجميع ما ملك وطلب العلم.
66 – [عبد الله بن مرزوق]
وروي أبو سعيد بإسناد له أن عبد الله بن مرزوق كان مع المهدي في دنيا واسعة فشرب ذات يوم على لهو وسماع فلم يصل الظهر والعصر والمغرب وفي كل ذلك تنبهه جارية حظية عنده.
فلما جاز وقت العشاء جاءت الجارية بجمرة فوضعتها على رجله فانزعج وقال: ما هذا؟ قالت: جمرة من نار الدنيا فكيف تصنع بنار الآخرة؟.
فبكى بكاء شديدا ثم قام إلى الصلاة.
ووقع في نفسه مما قالت: الجارية فلم ير شيئا ينجيه إلا مفارقة ما هو فيه من ماله.
فأعتق جواريه وتحلل من معامليه وتصدق بما بقي حتى صار يبيع البقل وتبعته على ذلك الجارية.
فدخل عليه سفيان بن عيينة وفضيل بن عياض فوجدا تحت رأسه لبنة وليس تحته شيء فقال له سفيان إنه لم يدع أحد لله شيئا إلا عوضه الله منه بدلا فما عوضك مما تركت له؟.
قال: الرضى بما أنا فيه.