69 – [توبة ابن هارون الرشيد]
قرأت على الشيخ الصالح أبي المكارم المبارك بن محمد بن المعمر البادرائي أخبركم أبو غالب بن أحمد الباقلاني وقرىء على أبي القاسم هبة الله بن الحسن بن هلال الدقاق وأنا أسمع أخبركم أبو طاهر عبد الملك بن أحمد السيوري قالا: أنبأ أبو القاسم بن بشران أنبأ أبو بكر الآجري قال: سمعت أبا بكر بن أبي الطيب يقول: بلغنا عن عبد الله بن الفرج العابد قال:
احتجت إلى صانع يصنع لي شيئاً من أمر الروز جاريين فأتيت السوق فإذا بأواخرهم شاب مصفر بين يديه زنبيل كبير ومر وعليه جبة صوف ومئزر صوف فقلت له: تعمل؟ قال: نعم قلت بكم؟ قال: بدرهم ودانق.
فقلت له: قم حتى تعمل قال: على شريطة قلت: ما هي؟ قال: إذا كان وقت الظهر فأذن المؤذن خرجت فتطهرت وصليت في المسجد جماعة ثم رجعت فإذا كان وقت العصر فكذلك فقلت: نعم.
فقام معي فجئنا المنزل فوافقته على ما ينقله من موضع إلى موضع فشد وسطه وجعل يعمل ولا يكلمني بشيء حتى أذن المؤذن الظهر فقال: يا عبد الله! قد أذن المؤذن قلت: شأنك فخرج فصلى فلما رجع عمل أيضا عملا جيدا إلى العصر فلما أذن المؤذن قال لي: يا عبد الله! قد أذن المؤذن قلت: شأنك فخرج فصلى العصر ثم رجع.
فلم يزل يعمل إلى آخر النهار فوزنت له أجرته وانصرف.
فلما كان بعد أيام احتجنا إلى عمل فقالت لي زوجتي: اطلب لنا ذاك الصانع الشاب فإنه قد نصحنا في عملنا فجئت السوق فلم أره فسألت عنه فقالوا: تسأل عن ذاك المصفر المشؤوم الذي لا نراه إلا من سبت إلى سبت لا يجلس إلا وحده في آخر الناس؟ قال: فانصرفت.