الأكاسرة ولكن أخبرك بما شهدت وعاينت منذ أعوام من ابن عم لأمير المؤمنين موسى بن محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس وحدثه في هذا الحديث.
فرأيت جعفرا جعل يبكي ويكثر البكاء ويقول: هذا كله من توفيق الله تعالى إياه وسعادته له اللهم فكما أسعدته بطاعتك ووفقته لرضاك وعصمته حتى نال ذلك كله بإرادتك وفقنا للعمل الصالح برحمتك واختم لنا بعفوك ومغفرتك يا أرحم الراحمين.
ثم إنه في مجلسه ذلك تصدق بمائة ألف على أهل الحاجة والمسكنة.
فما لبث بعد ذلك إلا القليل حتى غضب عليه هارون أمير المؤمنين وأمر بقتله وأن يجعل أرباعا ويصلب ففعل به ذلك.
فكان يرجى لجعفر ذلك الدعاء لعل الله تعالى استجاب له لأنه مثل به.
وكان كثير الصنائع المحمودة معطيا للمال قاضيا للحوائج حسن العشرة عارفا بحق الإخوان رحمه الله.
73 – [توبة جارية من بنات الكبار]
أخبرنا أبو الفتح محمد أنبأ أبو الفضل المقرىء أنبأ أبو نعيم أخبرني جعفر بن محمد بن نصير في كتابه قال: سمعت الجنيد بن محمد يقول:
كان أبو شعيب البراثي أول من سكن براثى في كوخ يتعبد فيه فمرت بكوخه جارية من بنات الكبار كانت ربيت في قصور الملوك. فنظرت إلى أبي شعيب فاستحسنت حاله وما كان عليه فصارت كالأسير له فعزمت على التجرد من الدنيا والاتصال بأبي شعيب.
فجاءت إليه وقالت: أريد أن أكون لك خادمة فقال لها: إن أردت ذلك فغيري من هيئتك وتجردي عما أنت فيه حتى تصلحي لما أردت.
فتجردت عن كل ما تملكه ولبست ثياب النساك وحضرته فتزوجها.
فلما دخلت الكوخ رأت قطعة خصاف في مجلس أبي شعيب تقيه الندى.
فقالت: ما أنا بمقيمة فيها حتى تخرج ما تحتك لأني سمعتك تقول: إن الأرض تقول: يا ابن آدم! تجعل اليوم بيني وبينك حجابا وأنت غدا في بطني؟ فما كنت لأجعل بيني وبينها حجابا.