قال: فلما فرغ من قوله تلوت آية من كتاب الله: {نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ} ... الآية [التحريم: 6] . فسمعت حركة شديدة ثم لم أسمع بعدها حسا فمضيت.
فلما كان من الغد رجعت في مدرجتي إذا بجنازة قد وضعت وإذا بعجوز كبيرة فسألتها عن أمر الميت ولم تكن عرفتني فقالت: هذا رجل لا جزاه الله إلا جزاءه! مر بابني البارحة وهو قائم يصلي فتلا آية من كتاب الله فلما سمعها ابني تفطرت مرارته فوقع ميتا.
125 – [توبة امرأة عن الغناء والعود وتوبة مولاها على يدها]
وجدت في كتاب عن سري السقطي أنه قال: ضاقت علي نفسي يوما فقلت في نفسي: أخرج إلى المارستان وأنظر إلى المجانين فيه وأعتبر بأحوالهم.
فخرجت إلى بعض المارستانات وإذا بامرأة مغلولة يدها إلى عنقها وعليها ثياب حسان وروائح عطرة وهي تنشد:
أعيذك أن تغل يدي ... بغير جريمة سبقت
تغل يدي إلى عنقي ... ما خانت ولا سرقت
وبين جوانحي كبد ... أحس بها قد احترقت
وحقك يا مدى أملي ... يمينا برة صدقت
فو قطعتها قطعا ... وحقك عنك لا نطقت
فقلت لصاحب المارستان: ما هذه؟ فقال: مملوكة خبل عقلها فحبست لتصلح.
فلما سمعت كلامه أنشدت:
معشر الناس ما جننت ولكن ... أنا سكرانة وقلبي صاح
لم غللتم يدي ولم آت ذنبا ... غير هتكي في حبه وافتضاحي