عن طريق الجو، والآخرون بالسيارات، وكلهم يشكون إلى هؤلاء المتخصصين في هذه المهنة ما فعلته بهم الجن. كما يسرد هؤلاء المتخصصون حكايات إما بأنفسهم، وقد سمعناها منهم مباشرة عن أحوال الجن، وإنه حدث عنده كذا وكذا حكايات كثيرة جدا.
أو عن طريق العمال الذين جلبوا من رجال ونساء، لكثرة الزبائن المصابين بالمس من الفريقين، فيبدأ المتخصص برقية الرجال، ثم ينتقل لرقية النساء.
كما تجد أمام تلك العيادات الباحثين عن الرزق، أهل البيع والشراء، وقد أحل الله البيع، وحرم أخذ أموال الناس بالباطل، تجدهم صافين سياراتهم وهي - دكاكين متنقلة - وأمامها مواعين الزيوت للرقية فيها. وقد تطور الأمر إلى إحضار وايتات من ماء زمزم - لتكون الرقية فيه بدلا من الزيت ومعلوم أن ماء زمزم، لما شرب له، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما أخبر رسول الله بذلك، لم يقل إنه شفاء إذا رقي فيه، فهذه دعاية لجلب الناس، وهي دعوى يردها النص. الذي لا شرط فيه.
وقد يتساءل المرء: هل وجد في العصور الماضية، أن أحدا من علماء السلف الصالح تفرغ لعمل اسمه الرقية الشرعية، سواء كانت الرقية مجانا، أو يأخذ عليها أجرة، لأنها جائزة، ولا أظن أن أحدا يستطيع أن يثبت ذلك.
وإنما كان العلماء، وأهل الصلاح والتقوى، إذا عرض لإنسان عارض، سواء كانت من مس الجن، وهو أمر لا ينكره إلا أصحاب البدع، أو أصيب بعين، أو حمة وهي اللدغة من ذوات السموم، أن ذلك المصاب يتقدم للموجود في قريته، من إمام مسجد أو عالم، أو قارىء للقرآن، فيطلب منه الرقية، وينتهي الأمر.