responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 373
الْأَمَانَةِ، وَحُصُولِ اسْمِ الْفِسْقِ وَالْقَسْوَةِ وَالْغِلْظَةِ. وَأَيْضًا فَدُعَاءُ مَنْ ظُلِمَ بِأَخْذِ مَالِهِ عَلَيْهِ بِاللَّعْنَةِ وَذَلِكَ سَبَبٌ لِزَوَالِ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ، إذْ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ: أَيْ كِنَايَةٌ عَنْ قَبُولِهَا. وَلِهَذَا وَرَدَ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِلْمَظْلُومِ إذَا دَعَا عَلَى ظَالِمِهِ لَأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ» . وَأَيْضًا فَمَنْ اشْتَهَرَ أَنَّهُ جَمَعَ مَالًا مِنْ رِبًا تَتَوَجَّهُ إلَيْهِ الْمِحَنُ الْكَثِيرَةُ مِنْ الظَّلَمَةِ وَاللُّصُوصِ وَغَيْرِهِمْ، زَاعِمِينَ أَنَّ الْمَالَ لَيْسَ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ، هَذَا كُلُّهُ مَحْقُ الدُّنْيَا.
وَأَمَّا مَحْقُ الْآخِرَةِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: " لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَدَقَةٌ وَلَا جِهَادٌ وَلَا حَجٌّ وَلَا صِلَةٌ ". وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ مَالَهُ كُلَّهُ وَعَلَيْهِ عُقُوبَتُهُ وَتَبَعَتُهُ وَالْعَذَابُ الْأَلِيمُ بِسَبَبِهِ. وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ: «مُصِيبَتَانِ لَنْ يُصَابَ أَحَدٌ بِمِثْلِهِمَا أَنْ تَتْرُكَ مَالَك كُلَّهُ وَتُعَاقَبَ عَلَيْهِ كُلَّهُ» .
وَأَيْضًا صَحَّ أَنَّ الْأَغْنِيَاءَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بَعْدَ الْفُقَرَاءِ بِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ، فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْأَغْنِيَاءِ بِالْمَالِ الْحَلَالِ الْمَحْضِ، فَمَا ظَنُّك بِذِي الْمَالِ الْحَرَامِ السُّحْتِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ هُوَ الْمَحْقُ وَالنُّقْصَانُ وَالْخُسْرَانُ الْمُبِينُ وَالذُّلُّ وَالْهَوَانُ: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276] أَيْ يَزِيدُهَا فِي الدُّنْيَا بِسُؤَالِ الْمَلَكِ لَهُ أَنَّ اللَّه يُعْطِيهِ خَلَفًا كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ: «إنَّهُ مَا مِنْ يَوْمٍ إلَّا وَفِيهِ مَلَكٌ يُنَادِي: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا» وَبِأَنَّهُ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ جَاهُهُ وَذِكْرُهُ الْجَمِيلُ، وَمَيْلُ الْقُلُوبُ إلَيْهِ، وَالدُّعَاءُ الْخَالِصُ لَهُ مِنْ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ وَانْقِطَاعُ الْأَطْمَاعِ عَنْهُ فَإِنَّهُ مَتَى اشْتَهَرَ بِإِصْلَاحِ مُهِمَّاتِ الْفُقَرَاءِ أَوْ الضُّعَفَاءِ فَكُلُّ أَحَدٍ يَحْتَرِزُ عَنْ أَذِيَّتِهِ وَالتَّعَرُّضِ لَهُ، وَكُلُّ طَمَّاعٍ وَظَالِمٍ يَتَخَوَّفُ مِنْ التَّعَرُّضِ إلَيْهِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِتَرْبِيَتِهَا إلَى أَنْ تَصِيرَ اللُّقْمَةُ كَالْجَبَلِ، كَمَا صَحَّ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ أَوَاخِرَ الزَّكَاةِ {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 276] كِلَاهُمَا صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنْ الْكُفْرِ وَالْإِثْمِ لِاسْتِمْرَارِ مُسْتَحِلِّ الرِّبَا وَآكِلِهِ عَلَيْهِمَا وَتَمَادِيهِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ يَصِحُّ رُجُوعُهُمَا مَعًا لِلْمُسْتَحِلِّ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ أَوْ الْأَوَّلُ لَهُ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ وَلَا إشْكَالَ أَيْضًا.
وَيَصِحُّ أَيْضًا رُجُوعُهُمَا مَعًا إلَى غَيْرِ الْمُسْتَحِلِّ وَيَكُونُ عَلَى حَدِّ: «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ الْحَجَّ فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ أَتَاهَا فِي دُبُرِهَا فَقَدْ كَفَرَ» : أَيْ قَارَبَ الْكُفْرَ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ، بِمَعْنَى أَنَّ تِلْكَ الْأَعْمَالَ الْخَبِيثَةَ إذَا دَاوَمَ عَلَيْهَا فَاعِلُهَا أَدَّتْ بِهِ إلَى الْكُفْرِ وَسُوءِ الْخَاتِمَةِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ، وَفِي هَذَا تَحْذِيرٌ عَظِيمٌ بَالِغٌ مِنْ الرِّبَا، وَأَنَّهُ يُؤَدِّي بِمُتَعَاطِيهِ إلَى أَنْ يُوقِعَهُ فِي أَقْبَحِ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ وَأَفْظَعِهَا. قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 278] إلَخْ أَرْدَفَهُ تَعَالَى بِمَا مَرَّ جَرْيًا عَلَى عَادَةِ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست