responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 443
مَعَ رَبِّهِ بِفِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمَنْهِيَّاتِ، وَلِلَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ أَمَانَةٌ. فَأَمَانَةُ اللِّسَانِ أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهُ فِي كَذِبٍ وَغِيبَةٍ وَلَا نَمِيمَةٍ وَلَا بِدْعَةٍ وَلَا فُحْشٍ وَلَا نَحْوِهَا. وَالْعَيْنِ أَنْ لَا يَنْظُرَ بِهَا إلَى مُحَرَّمٍ. وَالْأُذُنِ أَنْ لَا يُصْغِيَ بِهَا إلَى سَمَاعِ مُحَرَّمٍ، وَهَكَذَا سَائِرُ الْأَعْضَاءِ. وَأَمَّا مَعَ النَّاسِ بِنَحْوِ رَدِّ الْوَدَائِعِ، وَتَرْكِ التَّطْفِيفِ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ، وَبِعَدْلِ الْأُمَرَاءِ فِي الرَّعِيَّةِ، وَالْعُلَمَاءِ فِي الْعَامَّةِ بِأَنْ يَحْمِلُوهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ وَالِاعْتِقَادَاتِ الصَّحِيحَةِ، وَيَنْهَوْهُمْ عَنْ الْمَعَاصِي وَسَائِرِ الْقَبَائِحِ، كَالتَّعَصُّبَاتِ الْبَاطِلَةِ، وَالْمَرْأَةِ فِي حَقِّ زَوْجِهَا بِأَنْ لَا تَخُونَهُ فِي فِرَاشِهِ أَوْ مَالِهِ وَالْقِنِّ فِي حَقِّ سَيِّدِهِ بِأَنْ لَا يُقَصِّرَ فِي خِدْمَتِهِ، وَلَا يَخُونَهُ فِي مَالِهِ.
وَقَدْ أَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» .
وَأَمَّا مَعَ النَّفْسِ بِأَنْ لَا يَخْتَارَ لَهَا إلَّا الْأَنْفَعَ وَالْأَصْلَحَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي مُخَالَفَةِ شَهَوَاتِهَا وَإِرَادَاتِهَا فَإِنَّهَا السُّمُّ النَّاقِعُ الْمُهْلِكُ لِمَنْ أَطَاعَهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. «قَالَ أَنَسٌ: قَلَّمَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا قَالَ: لَا إيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» . وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27] نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ لَمَّا حَصَرَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانُوا يَمِيلُونَ إلَى أَبِي لُبَابَةَ لِكَوْنِ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ فِيهِمْ. فَقَالُوا لَهُ: هَلْ تَرَى أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى حَلْقِهِ: أَيْ إنَّهُ الذَّبْحُ فَلَا تَفْعَلُوا، فَكَانَتْ تِلْكَ مِنْهُ خِيَانَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. قَالَ فَمَا زَالَتْ قَدَمَايَ مِنْ مَكَانِهِمَا حَتَّى عَلِمْت أَنِّي قَدْ خُنْت اللَّهَ وَرَسُولَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ إلَى الْمَسْجِدِ وَرَبَطَ نَفْسَهُ، وَحَلَفَ أَنْ لَا يَحِلَّهَا أَحَدٌ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ لَا زَالَ كَذَلِكَ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ فَحَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} [الأنفال: 27] عَطْفٌ عَلَى النَّهْيِ أَيْ وَلَا تَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْأَمَانَاتُ الْأَعْمَالُ الَّتِي ائْتَمَنَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا الْعِبَادَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَمَّا خِيَانَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَمَعْصِيَتُهُمَا.
وَأَمَّا خِيَانَةُ الْأَمَانَاتِ فَكُلُّ أَحَدٍ مُؤْتَمَنٌ عَلَى مَا كَلَّفَهُ اللَّهُ بِهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ مُوقِفُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ وَسَائِلُهُ عَنْ ذَلِكَ هَلْ حَفِظَ أَمَانَةَ اللَّهِ فِيهِ أَوْ ضَيَّعَهَا؟ فَلْيَسْتَعِدَّ الْإِنْسَانُ بِمَاذَا يُجِبْ اللَّهَ تَعَالَى بِهِ إذَا سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا مَسَاغَ لِلْجَحْدِ وَلَا

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 443
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست