نام کتاب : اللطائف نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 21
ياجامدا على طبع وضعه، يحرك إلى قلب طبعه، انظر لماذا خلقت، وما المراد منك، رض مهر النفس يتأتى ركوبه، أمت زئبق الطبع يمكن استعماله، تلمح فجر الأجر ظلام التكليف، أرق خمر الهوى فما يفلتك صاحب الشرطة.
بحر طيعك أجاج، وماء قلبك عذب، والعقل بينهما قائم مقام الخضر، فيا " موسى " الطلبك لا تبرح عن السلوك حتى تبلغ مجمع البحرين. قف على قدم الصبر، وإن طال الوقوف، تجلس سعلى مقلوب كرسي؟.
يا نائما طول الليل: سارت الرفقة، طلعت شمس الشيب وما انتهت الرقدة، لو قمت وقت السحر رأيت طريق العباد قد غص بالزحام، ولو وردت ماء مدين وجدت عليه أمة من الناس يسقون.
واسحرة ليل القوم ما أضوأها، قاموا على أقدام التحير بين ركن الحذر، وشارع الشوق، يسترهم ذيل الليل تحت مخيم الظلام، وإن ناحوا فأشجى من متيم، وإن ندبوا فأفصح من " خنسا " ".
سَقَوا بِمياهِ أَعيُنِهِم ... هُناكَ الضالُ وَالرندا
بِأنفاسٍ كَبَرقِ في ... أَنينٍ يُشبِهُ الرعدا
لاحت لهم الجادة فلما سلكوا (قالوا رَبُنا الله ثُمّ اِستَقاموا) هيهات منك غبار ذلك الموكب.
أملهم أقصر من فتر، ومنازلهم أقفر من قبر، نومهم أعز من الوفاء، أخبراهم أرق من النسيم، السهر عندهم أحلى من إغفاءة الفجر، كلما افتتحوا سورة وجدوا بها وجد " يعقوب " بمقيص " يوسف ".
احضر وقت السحر مع القوم حين تفريق الخلع، فإن لم تصلح أسهمت من نصيب (وَإِذا حَضَرَ القِسمَةَ أُولوا القُربى) .
لو صعدت من صدرك صعداء أنفاس الأسف لأثارت سحابا يقطر من قطرية قطر العفو، لو أرسلت عبرة من جفن على جفاء عادت فأعادت نحس الزلل جفاء.
أبواب الملوك لا تطرق بالأيدي، ولا تضرب بالحجر بل بنفس المحتاجز وعذري إقراري بأن ليس لي عذر.
إذا سارت ركائب الأسحار فابعث معهم رسالة لهف تحتوي على عسرة محصر.
يا سائقَ العَيسِ تَرَفَق وَاستَمِع ... مِني وَبَلِغ إِن وَصلتَ عَني
عَرِّض بِذكرى عِندَهُم عَساهُمُ ... إِن سَمَعوكَ سائِلوكَ عَني
قُل: ذَلِكَ المَحبوسُ عَن قَصدِكُمُ ... مُعَذِبُ القَلبِ بِكُلِ فَنِّ
يقول: أَمّلتُ بِأَن أَزورَكُمُ ... في جُملَةِ الوَفدِ فَخابَ ظَني.
الفصل الخامس والثلاثون في علو الهمة
يا طالبا للبقاء في غير معدنه، يا مقدر النجاة في عقبة التلف، بادر عمرا كل يوم يهدمه المعمار، أليس آخر البقاء الفناء؟ كفى بالانتهاء قصرا.
ويحك، اخرج بالزهد من هذا الفناء المحشو بالفناء إلى حضرة القدس، وإعراض النفس، فهناك لا يتعذر مطلوب، ولا يفقد محبوب.
يا هذا: أعرف أدلتك بالطريق قلبك، وأجهل الكل بالسبيل نفسك، فسر على وفاق القلب لا على مراد النفس.
هَوى ناقَتي خَلفي وَقُدامي الهَوى ... وَإِنّي وَإِياها لَمُختَلِفان
يا ذا الهمة: اركب مطايا الجد وإن طال السرى. علامة التوفيق فصم عرى التواني، وآية الخذلان مسامرة الأماني.
الهوى يحرض على العاجل، فلو لاحت من فارس عزيمة إقدام نكص الشيطان على عقبيه. يا محب الدنيا: قيمتك محبوبك، لو علت همتك لارتفعت عن الدنيا، يا مدعي مقام الخليل: مالك والخلة.
لاح لك من الهوى أقل شيء فآثرته علينا، لقد كان دينار عملك مستورا لولا محك (وَلَنَبلوَنَكُم)
وَفي حالَةِ السَخطِ لا في الرِضا ... يُبَينُ المُحِبُ مِنَ المُبغَض
قلبك غائب في طلب الدنيا، فقد ضاع الحديث معك، إن الهدف إذا انهدم بطل النشاب، قلعت سكر الهوى فردمت به باب القلب، فلم يصل إليه سيل المواعظ.
لَيسَ يَحيكُ المُلامُ في هِمِمٍٍ ... أَقرَبُها مِنكَ عَنكَ أَبعَدُها
خرجت عن عمران التقوى، فوقعت في فقر الزلل.
غَرَكَ سَرابُ الطَمَعُ فَمُتُ سَريعَ الظَما ... اِنقَرَضَ العُمُر في مَحاقِ العذر
وَمِنَ العَناءِ رِياضَةُ الهَرِمِ كم قد عزمت على طاعة وتوبة؟ ما لليلى الهوى ما تبصر توبة؟ تبيت من الغرام في شعار " أويس " فإذا أصبحت أخذت طريق " قيس " تنقض عرى العزائم عروة عروة، وكل صريع بالهوى رفيق " عروة " كما دفنت كثيرا من الأعزة، وهل يرجع " كثير " عن حب " عزة ".
نام کتاب : اللطائف نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 21