نام کتاب : اللطائف نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 31
إخواني: عليكم بطلب الجنة، فإن النار وسط الكف، شهوات الدنيا مصائد تقطع عن الوصول، فإذا بطلت الشهوات بحلول الموت أحس الهالك بما لم يكن يدري، كما أن خوف المبارز يشغله عن ألم الجراح، فإذا عاد إلى المأمن زاد الألم، فإذا ماتوا انتبهوا.
كما شَيّعتُم قَريباً، وَرَميتُموهُ سَليباً، وتركتموه وأسمعكم من الوعظ عجيبا (ثُمَّ قَسَت قُلوبُكُم مِن بَعدِ ذَلِك) .
تالله إن الزاد لطيف، وإن المزاد لخفيف، مع أن الأمر جد، والخطب إد، إن الحازم لا يترك الحذر حتى يصل المأمن.
لما اِعترض إبليس " لأحمد " قال: فتني، قال: لا بعد.
لا فرح بوصول الكوفة وما عبرت العقبة، الطمع مركب التلف، والحزم مطية النجع، والتواني أبو الفاقة، والبطالة أم الخسران، وما يحصل برد العيس إلا بحر التعب.
ما العز إلا تحت ثوب الكد
إخواني: ذهب والله في التفريط العمر، غفل الوصي فضيع مال الطفل، مصيبتنا في التفريط واحدة.
أَجارَتُنا إِنا غَريبان ها هُنا ... وَكُلُ غَريبٍ للِغَريبِ نَسيبُ
رحل ركب المحبة في ظلام الدجى، فصبح القوم المنزل، ونحن على غير الطريق. واأسفا من قلة الأسف، واحزناه على عدم الحزن، قفوا على آثار السالكين فاندبوا المنقطع.
لَيسَت بِأَطلالي وَلِكِنَها ... رُسومُ أحبابي فَنُوحوا مَعِيَ
يا ساكِناً بِالبَلدِ البَلقَعِ ... وَيا دِيارَ الظاعِنينَ اِسمَعي
يا ديار الأحباب: أين سكانك؟ يا مرابع الأحباب: أين قطانك؟
ها إِنّها مَنازِلٌ تَعَوَّدَت ... مِني إِذا شارَفتُها التَسليما
يا نَفحَةَ الشِمالِ مَن تِلقائِها ... رُدَّي عَلي ذاك النَسيما
يا متخلفا ما جاء مع المعتذرين: رحل الركب في زمان رقادك، فإذا قمت من الكرى فأقم مأتم الندب، قف على الرسوم وابك على انقطاعك، لعلك تؤنس رفيق " تجدني ".
إذا جُزتَ بِالغَورِ عَرَّجَ يَميناً ... فَقَد أَخَذَ الشَوقُ مِنّا يَمينا
وَسلِّم عَلى بانَةِ الواديين ... فَإِن سَمِعَت أَوشَكتَ أَن تَبينا
فَصَح في مَغانِيهِم أَينَ هُم ... وَهَيهاتَ أَمَّوا طَريقاً شُطونا
وَرَوِّ ثُرى أَرضِهِم بِالدُموعِ ... وَخَلِّ الضُلوعَ عَلى ما طَوينا
أَراكَ يَشوقُكَ وادي الأَراكِ ... ألِلدارِ تَبكي أَم لِلساكِنينا
سَقى اللَهُ مُرَبَعَنا بِالحُمى ... وَإِن كانَ أَورثَ داءً دَفينا الفصل الحادي والخمسون
عاقبة التفريط
إذا قمتم من المجلس فادخلوا دار الخلوة ساعة، وشاوروا نصيح الفكر، وحاسبوا شريك الخيانة، وتلمموا تفريط الكسل في بضاعة العمر، تأسفوا على كل ذنب كان، أو حظ من الله فات.
البدار البدار نحو البقية، فيلقى المفرط ما ضاع، وليحذر الأعور الحجر، لا تحتقر يسير الخير، فالذود إلى الذود إبل، ضلت قلوبكم في بوادي الهوى، فقوموا على أقدام الطلب، وألقوا أزمة السير إلى حادي الأسف و (تَحسَسوا مِن يُوسُفَ وَأَخيهِ) .
جد في نشدان ضالتك ولا تيأس من روح الله، فكم شفي من أشفى على الهلاك.
عَرِّجوا بِالرِفاقِ نَحوَ الرَكبِ ... وَقَفوا وَقفَةً لأنشُدَ قَلَبي
وَخُذوا لي مِنَ النَقيبِ لِماظاً ... أَو رُدوا بي إِلى العُذيبَ وَحَسبي
فَهُبوبُ الرِياحِ مِن أَرضِ نَجدٍ ... قَوتُ قَلبي وَحَبَّذا مِن مَهَبِّ
يا نَسيمَ الصِبا تَرَنَم عَلى الدَّوَحِ بِصوتٍِ يَشجي وَإِن طارَ لُبِّي
مَن مُعيدٌ أَيامنا بَلوى الجَزِعِ وَهَيهاتَ أَينَ مِنّي صَحبي
واعجبا!! ما انظر الأجساد، لكن فقد نظر القلوب، إذا لم يحركك الربيع وَأزهاره، والسماع وأوتاره، فمن أنت؟ ويحك: نوح الحمام غزل، لو كان في قلبك محبة فابك بكاء " الجنيد " لعلك تقع بسر " سري " بع مال الهوى فيمن يزيد، إن شئت لحقا " أبي زيد ".
كم دعتك فرصة لو كنت أجبتها، إن جناب الحق لفسيح، غير أن الجهل مطرود.
ويحك: قد لاحت نار الهدى من زناد المواعظ، فقم على أقدام الجد لعلك تجد على النار هدى.
نام کتاب : اللطائف نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 31