نام کتاب : أهداف التربية الإسلامية نویسنده : ماجد عرسان الكيلاني جلد : 1 صفحه : 319
وكما أسلفنا فإن أمثال عمر لم يتعدوا أصابع اليد في تاريخ المسلمين. لذلك فإن من ضمانات مبادئ الحرية، والعدل التي أراد عمر إرساءها واستمرار "نصرتهما" أن لا تترك هذه المبادئ إلى ورع الحاكم، وأخلاقه بل تحرس بالتشريع وبالمؤسسات، وأن لا يكون هناك حكم دائم مدى الحياة، ولا سلطة فردية مطلقة؛ لأن دوام الحكم وفردية التصرف معناه العصمة من الخطأ، والعصمة معناها عدم النقد بل تحريمه وتجريم فاعله، وعدم النقد معناه تشجيع الحاكم على الطغيان، وبقاء الطغيان والظلم مدى الحياة معناه أحد مصيرين: إما أن تمضي الأمة في أطوار المرض حتى الوفاة، وإما أن لا تجد الأمة سبيلًا للتخلص من الطاغية إلا بالانقلابات، والثورات الدموية والفتن المدمرة!! التي تنتهي إلى مرض الأمة وموتها.
ولتجنب هذه السلسلة من السلبيات، والمضاعفات المهلكة لا بد للتربية الإسلامية أن ترفع انتخاب الحاكم، وجماعية القيادة وتقنين القيم السياسية، وتحديد فترة الحكم إلى مرتبة فروض الدين؛ لأن هذا ما توجه إليه روح الشورى التي يوجه إليها القرآن الكريم وتطبيقات السنة، وهذا ما فهمه عمر بن الخطاب حين قال: "لا خلافة إلا عن مشورة"[1].
والواقع إن النظام الرئاسي وما يرافقه من المؤسسات، والتشريعات الذي تطبقه أمم غير مسلمة -كالولايات المتحدة الأمريكية- هو أقرب إلى روح الإسلام من أنظمة الحكم القائمة في العالم الإسلامي؛ لأن هذه الأنظمة في حقيقتها ردة إلى تقاليد العصبية القبلية التي تمنح شيخ القبيلة هيمنة مطلقة في السلطان، والتملك وتوريث ذلك للأبناء والأحفاد من بعده.
وثمة مظهر آخر من مظاهر نصرة الحرية في مواجهة الاستبعاد هو أن [1] المتقي الهندي، كنز العمال، جـ5، ص648، رقم 14136.
نام کتاب : أهداف التربية الإسلامية نویسنده : ماجد عرسان الكيلاني جلد : 1 صفحه : 319