نام کتاب : أهداف التربية الإسلامية نویسنده : ماجد عرسان الكيلاني جلد : 1 صفحه : 521
ويظن أنه يستطيع أن يفقه آيات الله في الكتاب دون أن يسير في الأرض لينظر آيات الله في الآفاق والأنفس. وعلى المناهج التربوية أن تعي كذلك أهمية السفر في تنمية الخبرات الاجتماعية والكونية، ومن ثم تنمية القدرات التسخيرية إلى الحد الذي يستطيع الإنسان أن يسخر عناصر الكون، وثروات الأرض لصالحه، ومتطلبات العيش في عصره.
وعلى نظم التربية الإسلامية، ومؤسساتها كذلك أن تعمل على توعية أهل المناطق المستقبلة ليتصفوا بأخلاق -الأنصار- وبكيفية استقبال من هاجر إليهم، وأن يحبوه ويتعاونوا معه ويوالوه، ويعطوه صورة عالية مشرقة عن ثقافاتهم، وأخلاقهم وقيمهم وطرق الحياة التي يحيونها، وأن يسهموا في إثراء خبراته وتنمية قدراته وتعميق ثقته بالإنسان، لا أن يكونوا مجرد سماسرة يقدمون المتع الرخيصة والشهوات المبتذلة، ويقفون بأوانيهم كالحلابين المنتظرين للبقرات القادمة من مناطق الرعي.
والواقع أن النموذج الإسلامي في مفهوم السفر -أو السير في الأرض كما يسميه القرآن- هو النموذج الملائم لما تحتاج أن تكون عليه علاقات المسافرين، والمستقبلين إلى طور العالمية الذي يعيشه. فهذا النموذج الذي أفرز علاقات -الهجرة والنصرة- وصنف المسافرين والمستقبلين إلى مهاجرين وأنصار، وفرض للمسافر -أو ابن السبيل- قسطا من زكاة أهل البلد الذي يدخله، هو النموذج الملائم لصبغ العادات والإدارات، والقوانين التي تنظم السفر والانتقال وعناوين اليافطات في معابر القادمين والمسافرين. أما نموذج -ثقافة الاستهلاك والربح- الذي اقتبسه المسلمون المعاصرون من "حضارة الاستهلاك"، والذي يقسم الصنفين المذكورين إلى سائحين ومستثمرين، ويضع الضرائب على -ابن السبيل- المسافر ويستغله، ويرفع الأسعار عليه فهو نموذج لا يتفق مع مكانة الإنسان، ويصطدم اصطداما كاملا مع التصور الإسلامي حول مقاصد السير في الأرض التي أرادها الله مختبرا لآياته في الآفاق والأنفس.
نام کتاب : أهداف التربية الإسلامية نویسنده : ماجد عرسان الكيلاني جلد : 1 صفحه : 521