وبعد إيراد هذه النقول يظهر لنا أن المشهور عند أهل اللغة وغيرهم أن الوليمة لا تطلق إلا على وليمة العرس فقط وعلى هذا لا يكون في الحديث دلالة على الوجوب إلا في وليمة العرس فقط.
قال الطحاوي[1]: فتأملنا هذا الحديث - يعني حديث أبي هريرة - لنقف على معناه الذي أريد به إن شاء الله فوجدنا الطعام المقصود بما ذكر إليه فيه هو الوليمة وكانت صنفاً من الأطعمة لأن في الأطعمة أصنافاً سواها نحن ذاكروها في هذا الباب إن شاء الله وهو ما سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: كانت العرب تسمى الطعام الذي يطعمه الرجل إذا ولد له مولود طعام الخرس وتسمى طعام الختان طعام الأعذار. يقولون: قد أعذر على ولده.
وإذا بنى الرجل داراً أو اشتراها فأطعم قيل طعام الوكيرة أي من الوكر.
وإذا قدم من سفر فأطعم قيل طعام النقيعة.
قال: وأنشد أبو نصر أحمد بن حاتم صاحب الأصمعي:
إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم ... ضرب القدار نقيعة القدام
قال: والقدار الجزار والقدام القادمون يقال قادم وقدّام كما يقال كاتب وكتاب.
وطعام المأتم يقال له طعام الهضيمة قال لنا ابن أبي عمران: وأنشدني الحسن بن عمرو الوائلي لأم حكيم بنت عبد المطلب لأبيها:
كفى قومه نائبات الخطوب ... في آخر الدهر والأول
طعام الهضائم والمأدبات ... وحمل عن الغارم المثقل
وطعام الدعوة: طعام المأدبة قال لي ابن أبي عمران: وما سمعت طعام الهضيمة من أصحابنا البغداديين وإنما سمعته بالبصرة من أهل اللغة بها.
قال أبو جعفر: وطعام الوليمة خلاف هذه الأطعمة وفي قصد رسول الله [1] شرح مشكل الآثار (8/19) .