نام کتاب : بهجة المجالس وأنس المجالس نویسنده : ابن عبد البر جلد : 1 صفحه : 152
كان ابن عيينه ماشياً بمكة مع بعض إخوانه، فنظر فإذا أحداث يتبعونه،فقال له: انظر من صار جلاّسى اليوم بعد ثمانين سنة ... لقد كنت ابن عشرين سنة وما كنت أجالس أبناء العشرين،وإنما كنت أجالس الشيوخ والكهول، ألم تسمع إلى قول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة؟ قلت: لا. قال: قال عبيد الله:
ألا أبلغا عني عراك بن مالك ... فإن أنتما لم تفعلا فأبا بكر
ويروى: ولا تدعا أن تثنيا بأبي بكر
فكيف تلومان ابن سبعين حجةً ... على ما أتى وهو ابن عشرين أو عشر
وقال آخر:
ابن لي فكن مثلي، أو ابتغ صاحباً ... كمثلك إني مبتغ صاحباً مثلي
ولا يلبث الإخوان أن يتفرقوا ... إذا لم يؤلف روح شكل إلى شكل
قيل لبعض المدنين:أي الهى أغلب؟ قال: هوى متشاكلين.
ولعبد الصمد بن المعذل:
الناس أشكال فكل امرئ ... يعرفه الناس بمنتابه
لا تسألن المرء عن حاله ... ما أشبه المرء بأصحابه
وقال أبو الأسود الدؤلي:
لكل امرىءٍ شكل من الناس مثله ... وكل امرىء يهوى إلى من يشاكله
ومالك بدٌ من نزيل فلا تكن ... نزيلاً لمن يسعى به من ينازله
وإن أنت نازلت الكريم فلاقه ... بما أنت من أهل المروءة قائله
وإن أنت نازلت اللئيم فكن فتىً ... تزايله في فعله وتحامله
إذا لم تداخل عزَّ من كان ذا حجاً ... وعزمٍ وحزم لم تجد من تداخله
وما الناس إلا بالأصول فإنما ... يثبت أعلى كل بيتٍ أسفله
وقال جرير:
وإني لأستحي أخي أن أرى له ... على من الحق الذي لا يرى ليا
وفي هذا الشعر يقول جرير:
ألا تخافا نبوتي في ملمة ... وخاف المنايا أن تفوتكما بيا
تعرضت فاستمررت من دون حاجتي ... فحالك إني مستمرٌ لحاليا
وإني مغرور أعلل بالمنى ... ليالي أرجو أن مالك ماليا
فأنت أخي ما لم تكن لي حاجةٌ ... فإن عرصت أيقنت ألا أخا ليا
وهذا البيت من شعر جرير هذا قد أدخله عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر فيأبياته التي يقول فيها، فلا أدرى من تقدم صاحبه إليه:
رأيت فضلاً كان شيئاً ملففاً ... فكشفه التمحيص حتى بدا ليا
فأنت أخي ما لم تكن لي حاجةٌ ... فإن عرضت أيقنت ألا أخا ليا
فلا زاد ما بيني وبينك بعدما ... بلوتك في الحاجات إلا تنائيا
ولست براء عيب ذي الود كله ... ولا بعض ما فيه إذا كنت راضيا
فعين الرضا عن كل عيبٍ كليلةٌ ... ولكن عين السخط تبدي الساويا
كلانا غنى عن أخيه حياته ... ونحن إذا متنا أشد تغانيا
وقد أدخل بعضهم في هذه الأبيات بيتين، وهما:
ولست بهياب لمن لايهابني ... ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
متى تدن مني تدن منك مودتي ... وإن تنأ عني تلفني عنك نائيا
وقال روح أبو همام:
فعين السخط تظهر كل عيبٍ ... وعين أخو الرضا عن ذاك تعمى
وقال معن بن أوس:
إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ... على طرف الهجران إن كان يعقل
ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني ... يمينك فانظر أي كفٍ تبدِّل
كتب ابن عمار إلى برجوان كتاباً فيه قول الشاعر:
ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني ... يمينك فانظر أي كف تبدل
فدعا برجوان شاعراً كان قد استخصه يعرف بابن أعين، وقال له:أجب عن هذا البيت، فقال:
وما زلت أهدى النصح حتى اطَّرحته ... وأقبلت عن سبل الهداية تعدل
فهبك يميني استخبثت فقطعتها ... لتسلم لي نفسي أم الهلك أجمل
وهذا المعنى مأخوذ من قول عبيد الله بن عبد الله بن طاهر:
ألم تر أن المرء تدوى يمينه ... فيقطعها عمداً ليسلم سائره
فكيف تراه بعد يمناه فاعلاً ... بما ليس منه حين تدوى سرائره
نام کتاب : بهجة المجالس وأنس المجالس نویسنده : ابن عبد البر جلد : 1 صفحه : 152