نام کتاب : بهجة المجالس وأنس المجالس نویسنده : ابن عبد البر جلد : 1 صفحه : 193
قال ابن القاسم: سئل مالك عن القراءة في الحمام. فقال: القراءة بكل مكان حسنة، وليس الحمام بموضع قراءة، فمن قرأ الآية والآيتين فليس بذلك بأس، وليس الحمام من بيوت الناس الأول.
كان الحسن إذا دخل الحمام أغمض مخافة أن تقع عينه على عورة أحد، وربما قادة غلامه.
ودخل أبو حنيفة الحمام فرأى فيه قوماً لا مآزر لهم، فأغلق عينيه، وجعل يتهدي بيديه. فقال له أحدهم: متى ذهب بصرك يا أبا حنيفة؟ قال: منذ انكشفت عورتكم.
كان يقال: إذا جمع الحمام خمس خصال فقد كمل: أن يكون قديم البناء، عذب الماء، كثير الضياء، مرتفع الهواء، وأفضل ذلك كله: أن يكون الحوض نقياً معتدل الحر.
قال أصبغ: سألت ابن القاسم عن دخول الحمام، فقال: ما أن وجدته خالياً، أو كنت تدخل مع قوم يستترون ويتحفظون فلا أرى بذلك بأسا، وإن كان يدخله من لا يبالي ولا يتحفظ لم أر أن تدخله، وإن كنت متحفظاً.
قال أصبغ: وأدركت ابن وهب يدخله مع العامة متحفظاً، ثم ترك ذلك، وكان لا يدخله إلا مختليا.
قال شمس المعالي:
أَنتَ في الحمّام موقو ... فٌ على قَلْبِي وَسَمْعي
فتأَمّلها تجدْهَا ... كُوِّنَتْ من بعضِ طَبْعِي
حَرّهَا من حَرّ أَنْفَا ... سِي وفيضُ الماءِ دَمْعي
ودخل أعرابي البصرة، قدمها من البادية فنزل على قريب له، فلما رآه أشعث الرأس عزم عليه في دخول الحمام، وقال له: إنه يوم جمعة تطهر في الحمام وتنظف، فلما دخل الأعرابي الحمام، زلقت رجله وسقط، فأصابته شجة فوق حاجبه، فخرج وهو يقول:
وقالوا: تَطَهّرْ إنه يوم جُمْعَةٍ ... فأُبْتُ من الحَّمامِ غيرَ مطهّرِ
تزوَّدْتُ منه شَجّةً فوق حاجِبِي ... بغيِر جهادٍ بئسَ ما كان متجرِي
تقول لَي الأعرابُ لما رأونني ... بِهِ لا تَلَبَّثْ، بالصَّرِيَمةِ أَعْقِرِ
فما تَعْرِفُ الأعرابُ في السُّوقِ مِشْيَةً ... فكيفَ ببيتٍ ذيِ رخام وَمَرْمَرِ باب في البراغيث والبق والبعوض
في الحديث المرفوع: لا تلعنوا البرغوث فإنه نبه نبياً من الأنبياء لصلاة الصبح، حديث ليس بقوي الإسناد. انفرد به سويد أبو حاتم، يباع الطعام عن قتادة، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أعرابي بالبصرة:
ظللتُ بالبَصْرَة في مِرَاشِ
وفي براغيثَ أَذَاهَا فَاشِي
من نافرٍِ منها وذِي خِرَاشِ
يَرْفَعُ جنبيّ عن الفِرَاشِ
فأنا في حرب وفي تَخْرَاشِ
يَترك في جَنْبَّي كالحَوَاشِي
وزوجةٍ دائمة الهرَاشِ
تَغْلِي كغَليِ المِرْجَل النَشْنَاشِ
وقال رجلٌ من بني حمان، وقع في جند الشام، مندوباً في بعض حصون الساحل:
أَأَنْصُرُ أهلَ الشَّام ممن يكيدُهُمْ ... وأَهْلِي بنجدٍ ذات حرص على النصرِ
براغيثُ تُؤذْيني إذَا النَّاسُ نَوَّمْوا ... وبقٌّ أقاسيِهِ على سَاحِلِ البَحْرِ
تضيف عمرو بن سعيد بن العاص الأموي، رجلا من الأعراب كان يأتيه يتصيد عنده، ففرش له في بيت خال من ناحية داره، فبات فيه، ثم غدا عليه فقال: يا أبا عثمان! ماذا رأيت هذه الليلة! قال: وما ذاك؟ قال: سود حدب زرق آذينني، وقد قلت فيهن شعراً، قال: وما هو؟ قال: قلت:
الليل نصفان نصف للهموم فما ... أقضى رقاداً ونصف للبراغيث
أبيت حيث تساميني أوائلها ... أنزو وأخلط تسبيحاً بتغويث
سود مداليج في الظلماء مؤذية ... وليس ملتمس منها بمشبوث
كأنهن وجلدي إذ خلون به ... أيتام سوءٍ أغاروا في مواريث
ليل البراغيث أنكاني وأرقني ... لا بارك الله في ليل البراغيث
قال أعرابي:
إن البراغيث لهن عض ... وحكة وألم ممض
كأنما تنبتهن الأرض
وذكرت البراغيث عند أعرابي من قيس، فقال: ليلها ناصب ومددها دائب.
وذكرت البراغيث عند رجل من كلب، فقال: أخزاها الله، ما أدنأ صغارها، وما أشر كبارها، وأخفى أنظارها، وأقبح آثارها.
قال أحمد بن إسحاق:
ما للبراغيث أفنى الله جملتها ... حتى يقوم برغوث بدينار
نام کتاب : بهجة المجالس وأنس المجالس نویسنده : ابن عبد البر جلد : 1 صفحه : 193