نام کتاب : تلبيس إبليس نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 16
قَالَ المصنف وَقَدْ روي بعض هَذَا الكلام مرفوعا وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عنها قالت قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ وَقَرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فقد أعان عَلَى هدم الإسلام" وقال مُحَمَّد بْن النَّضْر الحارثي من أصغى بسمعه إِلَى صاحب بدعة نزعت مِنْهُ العصمة ووكل إِلَى نفسه وقال إِبْرَاهِيم سَمِعْتُ أبا جَعْفَر مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ القابني يَقُول سَمِعْتُ عَلِيّ بْن عِيسَى يَقُول سَمِعْتُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاقَ يَقُول سَمِعْتُ يُونُس بْن عَبْدِ الأعلى يَقُول قَالَ صاحبنا يعني الليث بْن سَعْد لو رأيت صاحب بدعة يمشي عَلَى الماء مَا قبلته فَقَالَ الشافعي إِنَّهُ مَا قصر لو رأيته يمشي عَلَى الهواء مَا قبلته وعن بِشْر بْن الحارث أنه قَالَ جاء موت هَذَا الذي يقال لَهُ المريسي[1] وأنا فِي السوق فلولا أن الموضع ليس موضع سجود لسجدت شكرا الحمد لله الذي أماته هكذا قولوا.
قَالَ المصنف حدثت عَنْ أبي بَكْر الخلال عَنْ المروزي عَنْ مُحَمَّد بْن سَهْل البخاري قَالَ كنا عند القرباني فجعل يذكر أهل البدع فَقَالَ لَهُ رجل لو حدثتنا كان أعجب إلينا فغضب وقال كلامي فِي أهل البدع أحب إلي من عبادة ستين سنة.
فصل: فَإِن قَالَ قائل قد مدحت السنة وذممت الْبِدْعَة فما السنة وما الْبِدْعَة فانا نرى أن كل مبتدع فِي زعمنا يزعم أنه من أهل السنة[2] فالجواب أن السنة فِي اللغة الطريق ولا ريب في أن [1] المريسي هو أبو عبد الرحمن بشر بن غياث قال ابن خلكان في ترجمته اشتغل بالكلام وجدد القول بخلق القرآن وحكى عنه في ذلك أقوال شنيعة وكان مرجئا وإليه تنسب الطائفة المريسية من المرجئة وكان يقول إن السجود للشمس والقمر ليس بكفر ولكنه علامة عليه والمريسي بفتح الميم وكسر الراء نسبة إلى مريس قيل قرية بمصر وقيل جنس من السودان وقال بعض المحققين إن المريسي كان يسكن في بغداد بدرب المريس فنسب إليه انتهى ببعض تصرف ومعنى كلام بشر بن الحارث أن الخبر بموت المريسي أتاه وهو في السوق فلو لم يكن في السوق لسجد شكرا لله تعالى على موته والسوق غير موضع سجود لورود النهي عن الصلاة في الأسواق والسجود بعض الصلاة وهذه عادة السلف الصالح رضي الله عنهم.
تنبيه: في الأصل فلولا انه كان في موضع شهرة لكان موضع شكر وسجود الحمد لله الخ. وما صححناه فمن لسان الميزان. [2] اعلم أنه لم يقع خلاف بين الصحابة رضي الله عنهم في زمن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لوجود نور النبوة بين ظهرانيهم وتأثير المواعظ الحسنة فيهم والحكم البالغة من النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما توفاه الله وقع الخلاف بينهم فأول خلاف كان في موته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزعم قوم أنه لم يمت بل رفعه الله إليه والثاني في دفنه عليه الصلاة والسلام فأراد أهل مكة رده إلى مكة وأهل المدينة دفنه بها وفي الإمامة فأذعنت الأنصار لسعد بالبيعة وقريش قالت إن الإمامة لا تكون إلا في قريش وفي فدك قرية بخيبر وتوريث الكلالة ومانعي الزكاة وهكذا وقد أزال هذا الخلاف كله أَبُو بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عنه بحجته القوية وعزمه المتين وبرهانه الساطع ولم تؤثر هذه الاختلافات في الهيئة الاجتماعية والقوة الرابطة لجمعهم واتحادهم إلا أنها فتحت بابا ولجه المبتدعون والزنادقة وأدخلوا الشكوك على بعض الأفراد وسنوا طرقا مضلة وزخرفوها بأقاويل كاذبة وحجج واهية ودعوا الناس إليها فقيض لهم المولى جل وعز رجالا من أهل الحديث والسنة يدحضون حجتهم ويبينون للناس عقائدهم الفاسدة ونياتهم الخبيثة وينصحون من تبعهم بأدلة قاطعة من الكتاب والسنة وهم الطائفة التي أخبر عنها النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها لا تزال قائمة بأمر الله الحديث ولم تزل قائمة كذلك إلى زمننا هذا إلا أنهم قليلون اللهم وفقنا للعمل بالكتاب والسنة واجعلهما حجة لنا يا أرحم الراحمين.
نام کتاب : تلبيس إبليس نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 16