الكاملة والعيش الرغيد في جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، لذا وغيره يعرف الإنسان أنه لا غنى له عن التقوى فبها يتخلص من مآزق كثيرة لا في الدنيا والآخرة ولا سيما عند الورود على النار الذي لا ينجو بعده إلا المتقون، بالتقوى يكون الله معك وينصرك وتفوق عند الله وأوليائه يقول سبحانه: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] ويقول عليه الصلاة والسلام: «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى» ، ويقول بعض السلف " ما خرج عبد من ذل المعصية إلى عز التقوى إلا أغناه الله بلا مال وأعزه بلا عشيرة وآنسه بلا أنيس "، فاتقوا الله عباد الله فإن تقواه جمال وشفاء من الداء العضال واحرصوا أن تكون نفوسكم تقية فلن يسعد عند الله إلا التقي، كل من عداه فهو شقي. اتقوا الله فالتقوى خلف من كل شيء ولا خلف من التقوى. اتقوا الله فهي أول عدة تعدونها لأعدائكم وتفوقونهم بها. اتقوا الله في نفوسكم وفي أهليكم وفي أموالكم وفي معاملتكم وفي أولادكم وفي من تحت أيديكم وفي ما ائتمنتم عليه من مصالح المسلمين وفي أرحامكم وفي كل مجال من مجالاتكم العامة والخاصة لتفوزوا برضا الله ورضوانه، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
[فضل ذكر الله تعالى]
فضل ذكر الله تعالى الحمد لله المذكور بكل لسان المشكور على كل إحسان خلق الخلق ليعبدوه وأظهر لهم آياته ليعرفوه ويسر لهم طرق الوصول إليه ليصلوه فهو ذو الفضل العظيم والخير الواسع العميم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليمًا.
أما بعد أيها الناس: اذكروا الله ذكرًا كثيرًا وسبحوه بكرة وأصيلًا، كونوا من أولي الألباب الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، كونوا من الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب وتنفرج الكروب، بذكر الله يحصل النصر ويثبت الله القلب في مواطن الفزع، ولذلك أمر الله تعالى بذكره عند مقابلة الأعداء في الحرب فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45] إن ذكر الإنسان لربه يملأ قلبه سرورًا ويكسو وجهه نورًا ويذكره الله به، يقول الله تعالى في القرآن الكريم: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152] ويقول تعالى في الحديث القدسي الذي رواه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه: «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم» ، وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سبق المفردون، قالوا وما المفردون يا رسول الله؟ قال الذاكرون الله كثيرًا» ، وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكر الله كمثل