كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض" [1].
وليتأمّل المسلم في عظم السماء بالنسبة إلى الأرض، وعظم الكرسيِّ بالنسبة إلى السماء، وعِظم العرش بالنسبة إلى الكرسيِّ، فإنّ العقولَ عاجزةٌ عن أن تدرك كمال هذه الأشياء أو أن تحيط بكُنْهِها وكيفيتها وهي مخلوقة، فكيف بالأمر إذاً في الخالق - سبحانه -، فهو أكبر وأجلُّ من أن تعرف العقولُ كُنْهَ صفاته أو تدرك الأفهامُ كبرياءَه وعظمتَه، ولهذا جاءت السنةُ بالنهي عن التفكّر في الله؛ لأنّ الأفكار والعقول لا تدرك كنه صفاته، فالله أكبر من ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: " تفكّروا في آلاء الله، ولا تفكّروا في الله عز وجل " [2].
والتفكّرُ المأمور به هنا كما يبيّن ابن القيّم - رحمه الله - هو إحضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة[3]، وهذا يتضح بالمثال، فالمسلم إذا أحضر في قلبه كبر هذه المخلوقات من سموات وأرض وكرسي وعرش ونحو ذلك، ثم أحضر في قلبه عجزه عن إدراك هذه الأشياء والإحاطة بها حصل له بذلك معرفة ثالثة وهي عظمة وكبرياء خالق هذه الأشياء وعجز العقول عن أن تدرك صفاته أو تحيط بنعوته - سبحانه -، يقول - سبحانه -: {وقُلِ الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً} [4]، فالله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً. [1] رواه أبو نعيم في الحلية (1/166) ، وأبو الشيخ في العظمة (2/648 - 649) ، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/300 - 301) ، وغيرهما، وقد صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم:109) بمجموع طرقه. [2] رواه اللالكائي في شرح الاعتقاد (3/525) ، وأبو الشيخ في العظمة (2/210) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وإسناده ضعيف جدًّا، لكن له شاهد من حديث أبي هريرة، وعبد الله بن سلاَم، وأبي ذر، وابن عباس. وقد حسّنه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم:1788) بمجموع طرقه. [3] مفتاح دار السعادة (ص:181) . [4] سورة: الإسراء، الآية: (111) .