ومن فضائلها: أنَّها ترجحُ بصحائف الذنوبِ يوم القيامة كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - المُخرَّج في المسند، وسنن النسائي، والترمذي، وغيرهما بإسناد جيّد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "يُصاح برجل من أمّتي على رؤوس الخلائق يوم القيامةِ، فيُنشرُ له تسعةٌ وتسعون سِجِلاً، كلُّ سِجِلٍّ منها مدّ البصر، ثم يقول الله - تبارك وتعالى - له: أَتُنكر من هذا شيئا؟ فيقول: لا يا ربّ. فيقول عز وجل: أَلَكَ عُذر أو حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا يا رب. فيقول عز وجل: بلى إنَّ لك عندنا حسنة، وإنَّه لا ظلم عليك، فتُخرجُ له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السِجِلاَّت؟ فيقول عز وجل: إنَّك لا تُظلم، قال: فتُوضَع السجلات في كِفَّة والبطاقة في كِفَّة، فطاشت السِجِلاَّت وثقُلت البطاقة" [1].
ولا ريب أنَّ هذا قد قام بقلبه من الإيمان ما جعل بطاقته التي فيها لا إله إلا الله تطيش بتلك السِجلاّت، إذ الناس متفاضلون في الأعمال بحسب ما يقوم بقلوبهم من الإيمان، وإلا فكم من قائل لا إله إلا الله لا يحصل له مثل هذا لضعف إيمانه بها في قلبه، فقد ورد في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرةٍ من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برّة من خير ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير" [2]، فدلّ ذلك على أنَّ أهل لا إله إلا الله متفاوتون فيها بحسب ما قام في قلوبهم من إيمان. [1] المسند (2/213) ، سنن الترمذي (رقم:2639) ، سنن ابن ماجه (رقم:4300) ، وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع (رقم:8095) . [2] صحيح البخاري (رقم:44) ، وصحيح مسلم (رقم:193) (325) .