لامتدادها أن يتحدد إلا تبعًا لطبيعة عناصره التكوينية، وبالقياس إلى مجموعة الظروف المناسبة. وتقسيم الواجبات وتحديدها هو العمل الجوهري لعالم الأخلاق بمعنى الكلمة، فكيف نشرع في هذا العمل؟
أيمكن أن نصل إلى النسبي ابتداء من المطلق، دون أية مساعدة خارجية؟
وكيف نحدد ألوان رسم من الرسوم، وتفاصيله التي يضعها فيه الفنان بالاعتماد على الشكل فقط؟
وكيف يتسنى لنحوي قُحٍّ، من حيث كونه كذلك أن يكون قادرًا على إعطاء المبررات للمعاني العميقة في المقال، وألوان الأسلوب؟
إننا إذا أردنا أن نحول الأخلاق إلى رياضيات، بل وأكثر من رياضيات، فربما أصبح الأمر غريبًا وغير مقبول، ويا لها من أعجوبة!!
وإذا كان من المستحيل، واقعًا، أن نستنبط جميع نظريات الهندسة من مبدأ واحد، فكيف نأمل أن نحصل من ذلك على نجاح أكبر في علم السلوك؟
وإذن، ففي حالة نقص الاستنباط الدقيق؛ لأنه مستحيل في هذه الظروف، نشهد لدى "كانت" محاولة للتقريب تتفاوت في براعتها، بين الشكل والمادة؛ نوعًا من التكليف يهدف إلى تسويغ نفس قواعد الأخلاق العامة، بعد قطعها عن روابطها الدينية أو الميتافيزيقية، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى نشهد لديه بعض الآراء الشخصية عن نوع الحياة الفاضلة التي يفضلها الفيلسوف.
إن ضمائر كثيرة مخلصة يمكنها أن تجتمع على الطريقة الكانتية، في رؤية المثل الأعلى الأخلاقي؛ وهو أمر لا نناقشه، ولكنا حين نختبر بعض صيغه الفرعية في علاقتها بمبدئه الأول -تبدو لنا، إما دون رباط ضروري، وإما سقيمة التوافق معه.